الأربعة بعبد مناف وعبد العزى وعبد قصىّ وعبد الدار ، وجعل الضمير في (يُشْرِكُونَ) لهما ولأعقابهما الذين اقتدوا بهما في الشرك ، وهذا تفسير حسن لا إشكال فيه. وقرئ : شركاء أى ذوى شرك وهم الشركاء ، أو أحدثا الله شركا في الولد.
(أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (١٩١) وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٢) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ)(١٩٣)
أجريت الأصنام مجرى أولى العلم في قوله (وَهُمْ يُخْلَقُونَ) بناء على اعتقادهم فيها وتسميتهم إياها آلهة. والمعنى : أيشركون ما لا يقدر على خلق شيء كما يخلق الله ، وهم يخلقون؟ لأن الله عز وجل خالقهم. أو لا يقدر على اختلاق شيء ، لأنه جماد ، وهم يخلقون ، لأن عبدتهم يختلقونهم ، فهم أعجز من عبدتهم (وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ) لعبدتهم (نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ) فيدفعون عنها ما يعتريها من الحوادث ، بل عبدتهم هم الذين يدفعون عنهم ويحامون عليهم (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ) وإن تدعوا هذه الأصنام (إِلَى الْهُدى) أى إلى ما هو هدى ورشاد ، وإلى أن يهدوكم. والمعنى : وإن تطلبوا منهم كما تطلبون من الله الخير والهدى ، لا يتبعوكم إلى مرادكم وطلبتكم ، ولا يجيبوكم كما يجيبكم الله. ويدل عليه قوله (فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)(سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ) أم صمتم عن دعائهم ، في أنه لا فلاح معهم. فإن قلت : هلا قيل : أم صمتم؟ ولم وضعت الجملة الاسمية موضع الفعلية؟ قلت : لأنهم كانوا إذا حزبهم أمر دعوا الله دون أصنامهم ، كقوله (وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ) فكانت حالهم المستمرة أن يكونوا صامتين عن دعوتهم ، فقيل : إن دعوتموهم لم تفترق الحال بين إحداثكم دعاءهم ، وبين ما أنتم عليه من عادة صمتكم عن دعائهم.
(إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٩٤) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ)(١٩٥)