كانت من زمرّد جاء بها جبريل عليه السلام. وقيل : من زبر جدة خضراء وياقوتة حمراء. وقيل : أمر الله موسى بقطعها من صخرة صماء لينها له ، فقطعها بيده وشقها بأصابعه. وعن الحسن : كانت من خشب نزلت من السماء فيها التوراة ، وأن طولها كان عشرة أذرع. وقوله (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) في محل النصب مفعول كتبنا. و (مَوْعِظَةً) وتفصيلا بدل منه. والمعنى : كتبنا له كل شيء كان بنو إسرائيل محتاجين إليه في دينهم من المواعظ وتفصيل الأحكام. وقيل أنزلت التوراة وهي سبعون وقر بعير ، يقرأ الجزإ منه في سنة لم يقرأها إلا أربعة نفر : موسى ، ويوشع ، وعزير ، وعيسى عليهم السلام. وعن مقاتل : كتب في الألواح : إنى أنا الله الرحمن الرحيم ، لا تشركوا بى شيئا ، ولا تقطعوا السبيل ، ولا تحلفوا باسمي كاذبين ، فإنّ من حلف باسمي كاذبا فلا أزكيه ، ولا تقتلوا ولا تزنوا ولا تعقوا الوالدين (فَخُذْها) فقلنا له : خذها ، عطفاً على كتبنا. ويجوز أن يكون بدلا من قوله (فَخُذْ ما آتَيْتُكَ) والضمير في (فَخُذْها) للألواح ، أو لكل شيء ، لأنه في معنى الأشياء ، أو الرسالات ، أو للتوراة. ومعنى (بِقُوَّةٍ) بجدّ وعزيمة فعل أولى العزم من الرسل (يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها) أى فيها ما هو حسن وأحسن ، كالاقتصاص ، والعفو ، والانتصار ، والصبر. فمرهم أن يحملوا على أنفسهم في الأخذ بما هو أدخل في الحسن وأكثر للثواب ، كقوله تعالى (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) وقيل : يأخذوا بما هو واجب أو ندب ، لأنه أحسن من المباح. ويجوز أن يراد : يأخذوا بما أمروا به ، دون ما نهوا عنه ، على قولك : الصيف أحرّ من الشتاء (سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ) يريد دار فرعون وقومه وهي مصر ، كيف أقفرت منهم ودمّروا لفسقهم ، لتعتبروا فلا تفسقوا مثل فسقهم فينكل بكم مثل نكالهم. وقيل منازل عاد وثمود والقرون الذين أهلكهم الله لفسقهم في ممرّكم عليها في أسفاركم. وقيل : دار الفاسقين : نار جهنم. وقرأ الحسن : سأوريكم وهي لغة فاشية بالحجاز. يقال : أورنى كذا ، وأوريته. ووجهه أن تكون من أوريت الزند ، كأن المعنى : بينه لي وأنره لأستبينه. وقرئ : سأورثكم ، وهي قراءة حسنة يصححها قوله (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ). (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ) بالطبع على قلوب المتكبرين وخذلانهم ، فلا يفكرون فيها ولا يعتبرون بها ، غفلة وانهما كا فيما يشغلهم عنها من شهواتهم. وعن الفضيل بن عياض : ذكر لنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا عظمت أمّتى الدنيا نزع عنها هيبة الإسلام ، وإذا تركوا الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر حرمت بركة الوحى (١). وقيل : سأصرفهم عن إبطالها وإن اجتهدوا كما اجتهد فرعون
__________________
(١) لم أجده من هذا الوجه. وأخرجه الحكيم الترمذي في نوادره من حديث أبى هريرة مثله ، وزاد «وإذا تسابت أمتى سقطت من أعين الناس» ذكره في الخامس والسبعين يعد المائة ، وفي إسناده البختري بن عبيد. وهو ضعيف.