صلاة العصر ودعا بعدىّ وتميم فاستحلفهما عند المنبر ، فحلفا ، ثم وجد الإناء بمكة ، فقالوا :
إنا اشتريناه من تميم وعدى. وقيل : هي صلاة أهل الذمّة ، وهم يعظمون صلاة العصر (إِنِ ارْتَبْتُمْ) اعتراض بين القسم والمقسم عليه. والمعنى : إن ارتبتم في شأنهما واتهمتموهما فحلفوهما. وقيل : إن أريد بهما الشاهدان فقد نسخ تحليف الشاهدين ، وإن أريد الوصيان فليس بمنسوخ تحليفهما. وعن علىّ رضى الله عنه : أنه كان يحلف الشاهد والراوي إذا اتهمهما (١) والضمير في (مُصِيبَةُ) للقسم. وفي (كانَ) للمقسم له يعنى : لا نستبدل بصحة القسم بالله عرضاً من الدنيا ، أى لا نحلف كاذبين لأجل المال ، ولو كان من نقسم له قريباً منا ، على معنى : أن هذه عادتهم في صدقهم وأمانتهم أبداً ، وأنهم داخلون تحت قوله تعالى : (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ). (شَهادَةَ اللهِ) أى الشهادة التي أمر الله بحفظها وتعظيمها. وعن الشعبي أنه وقف على شهادة ، ثم ابتدأ الله بالمدّ ، على طرح حرف القسم وتعويض حرف الاستفهام منه. وروى عنه بغير مدّ على ما ذكر سيبويه أن منهم من يحذف حرف القسم ولا يعوض منه همزة الاستفهام ، فيقول : الله لقد كان كذا. وقرئ : لملاثمين بحذف الهمزة وطرح حركتها على اللام وإدغام نون من فيها ، كقوله : عاد لولى : فإن قلت : ما موقع تحبسونهما؟ قلت : هو استئناف كلام ، كأنه قيل بعد اشتراط العدالة فيهما ، فكيف نعمل إن ارتبنا بهما ، فقيل : تحبسونهما فإن قلت : كيف فسرت الصلاة بصلاة العصر وهي مطلقة؟ قلت : لما كانت معروفة عندهم بالتحليف بعدها ، أغنى ذلك عن التقييد ، كما لو قلت في بعض أئمة الفقه : إذا صلى أخذ في الدرس علم أنها صلاة الفجر. ويجوز أن تكون اللام للجنس ، وأن يقصد بالتحليف على أثر الصلاة أن تكون الصلاة لطفاً في النطق بالصدق ، وناهية عن الكذب والزور (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ). (فَإِنْ عُثِرَ) فإن اطلع (عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً) أى فعلا مّا أوجب إثما ، واستوجبا أن يقال إنهما لمن الآثمين (فَآخَرانِ) فشاهدان آخران (يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ) أى من الذين استحق عليهم الإثم. معناه من الذين جنى عليهم وهم أهل الميت وعشيرته. وفي قصة بديل : أنه لما ظهرت خيانة الرجلين ، حلف رجلان من ورثته أنه إناء صاحبهما ، وأنّ شهادتهما أحق من شهادتهما. و (الْأَوْلَيانِ) الأحقان بالشهادة لقرابتهما ومعرفتهما. وارتفاعهما على : هما الأوليان كأنه قيل ومن هما؟ فقيل : الأوليان. وقيل : هما بدل من الضمير في يقومان ، أو من آخران.
__________________
(١) فأما تحليف الشاهد. فلم أره. وأما تحليف الراوي فرواه أصحاب السنن الثلاثة : البزار وابن حبان من رواية اسماء بن الحكم الفزاري عن على رضى الله عنه قال «إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله منه بما شاء أن ينفعني ، وإذا حدثني أحد من أصحابه استحلفته ، فإذا حلف لي صدقته قال : وحدثني أبو بكر ـ وصدق أبو بكر ـ الحديث» قال الترمذي : حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وروى بعضهم هذا الحديث موقوفا» أى المتن دون القصة. وقال البزار : أسماء هذا مجهول.