حتى قال معاوية : عليكم بحفظ الشعر ، فقد كدت أضع رجلي في الركاب يوم صفين ، فما ثبت منى إلا قول عمرو بن الأطنابة. ولو كانت عزيمة لما ثبتت معها الولاية ، والله تعالى يقول (وَاللهُ وَلِيُّهُما) ويجوز أن يراد : والله ناصرهما ومتولى أمرهما ، فما لهما تفشلان ولا تتوكلان على الله فإن قلت ، فما معنى ما روى من قول بعضهم عند نزول الآية. والله ما يسرنا أنا لم نهم بالذي هممنا به وقد أخبرنا الله بأنه ولينا؟ قلت : معنى ذلك فرط الاستبشار بما حصل لهم من الشرف بثناء الله وإنزاله فيهم آية ناطقة بصحة الولاية ، وأن تلك الهمة غير المأخوذ بها ـ لأنها لم تكن عن عزيمة وتصميم ـ كانت سببا لنزولهما. والفشل : الجبن والخور. وقرأ عبد الله : والله وليهم كقوله (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا).
(وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢٣) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ (١٢٤) بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (١٢٥) وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلاَّ بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١٢٦) لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ)(١٢٧)
أمرهم بألا يتوكلوا إلا عليه ولا يفوّضوا أمورهم إلا إليه ثم ذكرهم ما يوجب عليهم التوكل
__________________
لأدفع عن مآثر صالحات |
|
وأحمى بعد عن عرض صحيح |
لعمرو بن الأطنابة وهي أمه ، وأبوه يزيد بن مناة بن ثعلبة من باهلة. والتلاد : المال القديم الموروث. ويروى بلائي أى بأسى في الحروب. واستعار الثمن لما يبذله في المكارم على طريق التصريح. والربيح : الزائد. والاقحام : تكليف الدخول في المكروه. ويروى : وإقدامى. ويروى «وأضرب» بدل «ضربي» وفيه دلالة على تجدد الضرب وإبرازه في صورة إلى أمر المشاهد وهو من عطف المصدر المؤول على المصدر الصريح. ويحتمل أنها جملة حالية والتقدير : وأنا أضرب. والهامة أعلى الرأس. والمشيح : الجاد في القتال ، من أشاح إذا جد واجتهد. وجشأت : تحركت واضطربت ، وجاشت : غلت وارتفعت ، وكل شيء يغلى فهو يجيش. ومكانك : اسم فعل. أى الزمى يا نفس مكانك ، يحمدك الناس إن ظفرت ، أو تستريحي إن مت. ولأدفع : متعلق بالقول أو باسم الفعل أو بأبت لي ، أى منعتني عفتي وما عطف عليها من الفرار. وإسناد الفعل لذلك مجاز عقلى من الاسناد للسبب. وشبه سلامة العرض من الطعن بسلامة البيضة مثلا من الكسر فاستعار لها الصحة على طريق التصريح.