الإخبار ، وهو يحتمل البناء للفاعل والمفعول ، وأن يكون الأصل : تضارر بكسر الراء ، وتضارر بفتحها. وقرأ (لا تُضَارَّ) بالفتح أكثر القراء. وقرأ الحسن بالكسر على النهى ، وهو محتمل للبناءين أيضاً. ويبين ذلك أنه قرئ لا تضارَرْ ، ولا تضارِرْ ، بالجزم وفتح الراء الأولى وكسرها. وقرأ أبو جعفر : لا تضارّ ، بالسكون مع التشديد على نية الوقف. وعن الأعرج (لا تضارْ) بالسكون والتخفيف ، وهو من ضاره يصيره. ونوى الوقف كما نواه أبو جعفر ، أو اختلس الضمة فظنه الراوي سكونا. وعن كاتب عمر بن الخطاب : لا تضرر. والمعنى : لا تضارّ والدة زوجها بسبب ولدها ، وهو أن تعنف به وتطلب منه ما ليس بعدل من الرزق والكسوة ، وأن تشغل قلبه بالتفريط في شأن الولد ، وأن تقول بعد ما ألفها الصبى : اطلب له ظئراً ، وما أشبه ذلك ؛ ولا يضارّ مولود له امرأته بسبب ولده ، بأن يمنعها شيئا مما وجب عليه من رزقها وكسوتها ؛ ولا يأخذه منها وهي تريد إرضاعه ، ولا يكرهها على الإرضاع. وكذلك إذا كان مبنياً للمفعول فهو نهى عن أن يلحق بها الضرار من قبل الزوج ، وعن أن يلحق بها الضرار بالزوج من قبلها بسبب الولد : ويجوز أن يكون (تُضَارَّ) بمعنى تضر ، وأن تكون الباء من صلته ، أى لا تضرّ والدة بولدها ، فلا تسيء غذاءه وتعهده ، ولا تفرط فيما ينبغي له ، ولا تدفعه إلى الأب بعد ما ألفها. ولا يضرّ الوالد به بأن ينتزعه من يدها أو يقصر في حقها فتقصر هي في حق الولد. فان قلت : كيف قيل بولدها وبولده؟ قلت : لما نهيت المرأة عن المضارة أضيف إليها الولد استعطافا لها عليه وأنه ليس بأجنبىّ منها ، فمن حقها أن تشفق عليه وكذلك الوالد (وَعَلَى الْوارِثِ) عطف على قوله (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَ) ، وما بينهما تفسير للمعروف معترض بين المعطوف والمعطوف عليه. فكان المعنى : وعلى وارث المولود له مثل ما وجب عليه من الرزق والكسوة ، أى إن مات المولود له لزم من يرثه أن يقوم مقامه في أن يرزقها ويكسوها بالشريطة التي ذكرت من المعروف وتجنب الضرار. وقيل : هو وارث الصبى الذي لو مات الصبى ورثه. واختلفوا ، فعند ابن أبى ليلى كل من ورثه ، وعند أبى حنيفة من كان ذا رحم محرم منه. وعند الشافعي : لا نفقة فيما عدا الولاد. وقيل من ورثه من عصبته مثل الجد والأخ وابن الأخ والعم وابن العمّ. وقيل : المراد وارث الأب وهو الصبى نفسه ، وأنه إن مات أبوه وورثه وجبت عليه أجرة رضاعه في ماله إن كان له مال ، فإن لم يكن له مال أجبرت الأم على إرضاعه. وقيل (عَلَى الْوارِثِ) على الباقي من الأبوين من قوله : «واجعله الوارث منا» (١) (فَإِنْ أَرادا فِصالاً) صادراً (عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما) في ذلك ، زادا على الحولين أو نقصا ، وهذه توسعة بعد التحديد. وقيل : هو في غاية الحولين لا يتجاوز ، وإنما اعتبر تراضيهما
__________________
(١) قوله «واجعله الوارث منا» الرواية المشهورة : منى. (ع)