لا عن امرأته فطلقها ثلاثاً بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليه (١). روى أنّ جميلة بنت عبد الله بن أبىّ كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس وكانت تبغضه وهو يحبها. فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، لا أنا ولا ثابت ، لا يجمع رأسى ورأسه شيء ، والله ما أعيب عليه في دين ولا خلق ، ولكنى أكره الكفر في الإسلام ، ما أطيقه بغضاً ، إنى رفعت جانب الخباء فرأيته أقبل في عدّة فإذا هو أشدهم سواداً وأقصرهم قامة وأقبحهم وجهاً. فنزلت ، وكان قد أصدقها حديقة فاختلعت منه بها وهو أوّل خلع كان في الإسلام (٢). فإن قلت : لمن الخطاب في قوله (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا)؟ إن قلت للأزواج لم يطابقه قوله : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ) وإن قلت للأئمة والحكام فهؤلاء ليسوا بآخذين منهن ولا بمؤتيهن؟ قلت : يجوز الأمران جميعاً : أن يكون أوّل الخطاب للأزواج ، وآخره للأئمة والحكام ، ونحو ذلك غير عزيز في القرآن وغيره ، وأن يكون الخطاب كله للأئمة والحكام ، لأنهم الذين يأمرون بالأخذ والإيتاء عند الترافع إليهم ، فكأنهم الآخذون والمؤتون (مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَ) مما أعطيتموهنّ من الصدقات (إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ) إلا أن يخاف الزوجان ترك إقامة حدود الله فيما يلزمهما من مواجب الزوجية ، لما يحدث من نشوز المرأة وسوء خلقها (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما)
__________________
(١) متفق عليه من حديث سهل بن سعد لكن قيل : إن قوله «فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بطلاقها» من كلام الزهري رواية عن سهل (تنبيه) قال عبد الحق في الأحكام : لم يصح اللفظ بالثلاث إلا في حديث الملاعن. وتعقب بما في مسلم عن فاطمة بنت قيس قالت «طلقى زوجي ثلاثا فخاصمته ... الحديث».
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره : حدثنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا معتمر بن سليمان قال : قرأت على فضيل عن أبى جرير أنه سأل عكرمة «هل كان للخلع أصل؟ قال : كان ابن عباس يقول : إن أول خلع كان في الإسلام في أخت عبد الله بن أبى بن سلول ، أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره «ولم يسمها» وقد سماها البخاري من رواية حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة «أن جميلة ـ فذكره» ولابن ماجة من رواية أخرى عن عكرمة عن ابن عباس «أن جميلة بنت سلول» وكذا أخرجه عبد الرزاق من وجه آخر «أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي جميلة بنت عبد الله بن أبى» وعند الدارقطني من طريق ابن جريج أخبرنا أبو الزبير «أن ثابت بن قيس كانت عنده زينب بنت عبد الله بن أبى. وكان أصدقها حديقة ، فكرهته ـ إلى آخره» فان كان محفوظاً فيحتمل أن يكون لها اسمان. وقد رويت القصة لغيرها. وفي الموطأ عن يحيى بن سعيد عن عمرو عن حبيبة بنت سهل «أنها كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصبح فوجدها عند بابه في الغلس. فقال من هذه؟ قالت : أنا حبيبة بنت سهل. قال : ما شأنك؟ قالت : لا أنا ولا ثابت بن قيس» ومن طريقه أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد ، ولابن ماجة من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : «كانت حبيبة بنت سهل تحت ثابت ابن قيس بن شماس ، وكان رجلا دميما. فقالت : يا رسول الله لو لا مخافة الله لبزقت في وجهه : فقال : أتردين عليه حديقته؟ قالت : نعم. فردت عليه حديقته. وفرق بينهما» ولأحمد من حديث سهل بن أبى حثمة قال «كانت بنت سهل ـ الحديث».