مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)(٢٢١)
(وَلا تَنْكِحُوا) وقرئ بضم التاء ، أى لا تتزوّجوهنّ أو لا تزوّجوهن. و (الْمُشْرِكاتِ) الحربيات ، والآية ثابتة. وقيل المشركات الحربيات والكتابيات جميعاً ، لأن أهل الكتاب من أهل الشرك ، لقوله تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ ، وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) إلى قوله تعالى: (سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) ، وهي منسوخة بقوله تعالى : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ). وسورة المائدة كلها ثابتة لم ينسخ منها شيء قط ، وهو قول ابن عباس والأوزاعى. وروى أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث مرثد بن أبى مرثد الغنوي إلى مكة ليخرج منها ناسا من المسلمين وكان يهوى امرأة في الجاهلية اسمها عناق ، فأتته وقالت : ألا نخلو؟ فقال : ويحك! إن الإسلام قد حال بيننا. فقالت : فهل لك أن تتزوّج بى؟ قال : نعم ، ولكن أرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأمره ، فاستأمره (١) فنزلت (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ) ولامرأة مؤمنة حرّة كانت أو مملوكة ، وكذلك (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ) لأنّ الناس كلهم عبيد الله وإماؤه (وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) ولو كان الحال أنّ المشركة تعجبكم وتحبونها ، فإنّ المؤمنة خير منها مع ذلك (أُولئِكَ) إشارة إلى المشركات والمشركين ، أى يدعون إلى الكفر فحقهم أن لا يوالوا ولا يصاهروا ولا يكون بينهم وبين المؤمنين إلا المناصبة والقتال (وَاللهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ) يعنى وأولياء الله وهم المؤمنون يدعون إلى الجنة (وَالْمَغْفِرَةِ) وما يوصل إليهما فهم الذين تجب موالاتهم ومصاهرتهم ، وأن يؤثروا على غيرهم (بِإِذْنِهِ) بتيسير الله وتوفيقه للعمل الذي تستحق به الجنة والمغفرة. وقرأ الحسن : والمغفرة بإذنه ـ بالرفع ـ أى والمغفرة حاصلة بتيسيره.
(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ
__________________
(١) أورده الواحدي من تفسير الكلبي عن ابن عباس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا يقال له : مرثد بن أبى مرثد فذكره» ونزولها في هذه القصة ليس بصحيح فقد رواه أبو داود والترمذي والنسائي من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال «كان رجل يقال له : مرثد بن أبى مرثد الغنوي. وكان رجلا شديداً يحمل الأسارى من مكة حتى يأتى بهم المدينة ـ الحديث بطوله. وفيه حتى نزلت (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ) قال فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقرأها على. وقال لا تنكحها وكذا أخرجه أحمد وإسحاق والبزار. وقال لا نعلم أسند مرثد بن أبى مرثد إلا هذا الحديث.