يخطئ في القراءة السبعية لا غير.
وهناك أمور لا بدّ من ذكرها تؤكد ما نقول به وهو عدم جواز قراءة القرآن بالمعنى.
١ ـ أن الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ كانوا يحرصون أن يرووا حديث النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بلفظ ولا يجيزون قراءته بمعناه حتى إن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ كان إذا حدث عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول : «أو كما قال» محترزا بذلك. خوفا من أدائه على غير لفظه فإذا كان هذا موقفهم من الحديث النبوي الشريف فمن باب أولى القرآن الكريم (١).
٢ ـ كان من الأدلة التي اعتمدوها في دعم أقوالهم بعض القصص التي تقال للتندر بها لإضحاك السامع ، ورجالها مجهولون وهي مأخوذة من بعض الكتب غير الموثقة والتي لا تصلح أن تكون دليلا لمثل هذه القضايا القرآنية الخطيرة أمثال كتاب الأغاني للأصفهاني ، وكتاب الحيوان للجاحظ. والأولى أن تكون رواياتهم وأدلتهم مأخوذة من كتب معتمدة لأن المسألة متعلقة بكتاب الله ـ عزوجل ـ الذي توفرت له كل وسائل الثبوت واليقين والتحوط العلمي (٢).
هكذا نرى تهافت دعوى هؤلاء المستشرقين ببطلان أدلتهم وسقوطها وإقامة الأدلة القوية على عدم جواز قراءة القرآن بالمعنى ولزوم قراءته بالنص كما أنزل ، لأن القراءة «سنة متبعة».
٣ ـ ومما حاول أن يستند إليه «جولد تسيهر» من شواهد ليستدل منها أن القراءة تجوز بما يريده الصحابي وعلى حسب اختياره ما نقل عن ابن شنبوذ ، وأبي بكر العطار الذين حاول «جولد تسيهر» إبرازهم في أكثر من موضع وذلك لأنهم اهتموا بالقراءات الشاذة.
__________________
(١) نكت الانتصار لنقل القرآن ـ الباقلاني ص ٣٢٩.
(٢) المدخل لدراسة القرآن ص ٢١٠.