ونتيجة لهذا التجوز في صرف المعنى عن ظاهره وصف العلماء الصوفية بالجهل تارة ، وبالكفر تارة أخرى.
قال الإمام الزركشي : [فأما كلام الصوفية في تفسير القرآن الكريم فقيل : ليس تفسيرا ، وإنما هي معان ومواجيد يجدونها عند التلاوة].
ونقل عن ابن الصلاح في فتاويه : [وقد وجدت عن الإمام أبي الحسن الواحدي أنه قال صنف أبو عبد الرحمن السلمي (حقائق التفسير) فإن كان اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر](١).
وقد حكم عليهم بالإلحاد وتعطيل الشريعة بالكلية الإمامان النسفي والتفتازاني (٢).
فليس غريبا أن نجد أن المستشرقيين يهتمون بمثل هذا النوع من التفسير لما فيه من تعطيل لمهمة القرآن الكريم وهو الوقوف على معانيه وفهم مراد الله فيه وإدراك هداياته ومقاصده ، كما أن في طريقتهم هذه تعطيل للشريعة ، لذا فهو تفسير في أغلبه مردود على صاحبه ولا يقبل منه إلا ما كان حسب الشروط التي سبق ذكرها.
ب ـ الفئة الثانية التي ذكرها «جولد تسيهر» في هذا الفصل أصحاب المنهج الفلسفي الصوفي في تفسير القرآن الكريم (إخوان الصفا). أشاد «جولد تسيهر» بهذه الفئة كثيرا وعدهم من أصحاب الفكر الحر وربط بينهم وبين الفلاسفة اليونانيين من الفيثاغوريين والأفلاطونيين والرواقيين (٣) والغنوصيين (٤)
__________________
(١) البرهان في علوم القرآن ٢ / ١٧١ ـ ١٧٢.
(٢) المبادئ العامة لتفسير القرآن الكريم ص ٢١٠.
(٣) الرواقية : مدرسة فلسفية أسسها زينون سنة ٢٠٠ ق. م ، ثم هذبها أتباعه ويرى الرواقيون أن الحقيقة مادية تسودها قوة توجهها وهي الله وما دامت الطبيعة تسير وفق العقل فمن الحكمة أن يسير الإنسان وفق الطبيعة.
(٤) الغنوصية : نسبة إلى غنوصين وهي المعرفة وهي حركة فلسفية دينية ظهرت في القرن الثاني الميلادي أساسها أن الخلاص يتم بالمعرفة أكثر مما يتم بالإيمان والأعمال الخيرية.