النهاية لضياع المهمة التي من أجلها نزل القرآن الكريم وهو الوقوف على معانيه من أجل العمل به.
كما يسبب هذا الترك لهذا العلم ضياع كثير من الحقائق الشرعية ، وكثير من المبادئ العامة ، والمسائل الخاصة.
فالمعروف أن الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ كانوا يعطون القرآن الكريم وفهمه والعمل به كل جهدهم. أما من امتنع من الصحابة والتابعين من تفسير القرآن الكريم أو بعض آياته فقد كان تورعا واحتياطا لأنفسهم لعدم بلوغه شيء من ذلك عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أو تمنعه خوفا أن يقول شيئا في كتاب الله سبحانه لا يبلغ القول الصائب. والقائل فيه بغير علم قائل على الله ما لا علم له به فيكون مخطئا في فعله وإن أصاب فيه برأيه (١).
ومما يدل أن هذا العلم لا يجوز فيه إلا القول بعلم : ما رواه ابن أبي مليكة أن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ سئل عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها ، فأبى أن يقول فيها.
فهكذا كانوا رضوان الله عليهم لا يتكلمون إلا فيما يعلمون من القرآن (٢) ويؤيد هذا كذلك قول أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ لما سئل عن آية قرآنية قال : «أي أرض تقلني ، وأي سماء تظلني إذا قلت في القرآن ما لا أعلم».
والجدير بالذكر أن هؤلاء المنسوب إليهم التمنع عن القول في التفسير في بعض الآيات قد ثبت عنهم القول في آيات أخرى مما بلغهم فيها من علم.
فهذا يبطل دعوى «جولد تسيهر» وغيره ممن يحاولون التشكيك في التفسير بالمأثور بمثل هذا الموقف من بعض الصحابة والتابعين وبعض العلماء المخلصين.
__________________
(١) تفسير الطبري ١ / ٨٩.
(٢) تفسير الطبري ١ / ٧٩ ، ٨٦.