عليهم ، وفي هذه الفترة بدأ تدوين الحديث النبوي الشريف ، ومنه الروايات الخاصة بتفسير القرآن الكريم حيث دونت كباب من أبواب الحديث سواء كانت مروية عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أو الصحابة أو التابعين ـ ملتزمين بذكر إسنادها. وكان من أشهر من اهتم بهذا الجانب من العلم في هذه الفترة :
يزيد بن هارون ، وشعبة بن الحجاج ، وسفيان بن عيينة ، وغيرهم فقد كان هؤلاء إرهاصا لابن ماجة وابن جرير الطبري ـ الذي يوشك المفسرون من بعده أن يكونوا عالة عليه ـ وقد جعل هذا الإمام العظيم التفسير بكتاب مستقل ، شاملا القرآن كله ، مرتبا له حسب ترتيب سور المصحف ، جامعا فيه كل أقوال من سبقه من روايات أثرت عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أو الصحابة أو التابعين ، ذاكرا لها بالأسانيد ، مضيفا لها فهمه للنص القرآني فكان بحق مدرسة تفسيرية فريدة.
ثم خطا التفسير بعد عصر الطبري خطوة أخرى اختصر فيها المفسرون أسانيد روايات التفسير ، مضيفين لها أقوال من تقدمهم من المفسرين وكان على رأس هؤلاء العلماء أبو الليث السمرقندي في تفسيره (بحر العلوم).
كما ظهر في هذه المرحلة تفاسير لغوية تقوم على فهم النص القرآني حسب دلالة اللغة وروحها ومن أشهر أصحابها : الكسائي ، والفراء ، وأبو عبيدة والزجاج ، وغيرهم.
وبعد ذلك اتجه العلماء في تفاسيرهم اتجاهات متباينة فكان ما يسمى بالتفسير بالمأثور الذي هو امتداد للتفاسير السابقة المسندة إلى الصحابة والتابعين وتابعيهم.
وما يسمى (بالتفسير بالرأي) بقسميه المحمود منه والمذموم.
فالمحمود منه التزم أمورا منها : النقل عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وصحابته الكرام بما صح عنهم ، ثم الأخذ بمطلق اللغة ومقتضيات الكلام.
أما المذموم منه فهو الذي ألّفه أصحابه لتأييد مذاهبهم والانتصار به