الفصل الأول
التفسير بالمأثور وموقف المستشرقين منه
توطئة :
مر تفسير القرآن الكريم بمراحل وأطوار عديدة ، حتى اتخذ الصورة الحالية التي نجده عليها الآن في بطون المؤلفات والتصانيف ، بين مطبوع ومخطوط.
نشأ هذا العلم مبكرا منذ عصر الإسلام الأول حيث كان النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أول شارح للقرآن الكريم يبين للصحابة ما يشكل ويستغلق عليهم فهمه.
قال تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ)(١).
فقد كان هذا التوضيح هو النواة الأولى لهذا العلم العظيم والذي نقل إلينا على شكل روايات من خلال كتب السنة المطهرة.
وقد كانت هذه الروايات في هذا العهد جدّ قليلة نظرا لنزول القرآن الكريم بلغة القوم وحسن فهمهم له ، ولمعايشتهم لأسباب نزوله ، لذا كانت حاجتهم للتفسير محدودة. ولكن بعد انتقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ للرفيق الأعلى وانتشار الإسلام واتساع رقعة دولته دخل في دين الله أناس لغتهم غير العربية ، وولد في ظل الإسلام مواليد خالطوا عجمة القوم مما جعل الحاجة أشد لهذا العلم الذي يجعلهم يعيشون في ظلال القرآن العظيم فكان مطلبا ملحا من الصحابة أن يقوموا بواجبهم بنقل ما تعلموه من رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لهم. بل ويوضحوا لهم زيادة على ذلك ما فهموه وعايشوه من روح النص القرآني الكريم.
__________________
(١) سورة النحل : ٤٤.