الأسرة
هذه أصل القبيلة ، أو القرية ، أو المدينة. ومن اللازم التعرض لها ، والاتصال بمباحثها مباشرة. وتفترق هذه عما عند العرب من وجوه عديدة. فيصح أن يقال إنها كانت سائرة على خلاف ما عند العرب. فلا يحتفظ بها لأكثر من تكون البيت ، ومن ثم تزول كل علاقة ، وتنقطع كل صلة نوعا.
وتوضيح هذا يستدعي تفصيلا زائدا ، فالرجل مرتبط بزوجه وولده حتى يكبر ويتزوج. ومن ثم تضعف صلته ، ويقل اتصاله. ومن الجهة الأخرى ان أصل أسرته لا يرتبط به كثيرا ، بل يحاول أن يقوم بنفسه فيجعل حبله على غاربه. ومعنى هذا ليس المقصود منه الانقطاع التام من كل وجه ، وإنما يتعين في هذا تكاتف القبيلة أو القرية فيكون من أفرادها ، فيراعى مقرراتها بصورة عامة ، كأنه عاش في أسرته مدة ليكون ابن القرية أو القبيلة.
وكثيرا ما سألت الكرد ، وتحققت عن أنسابهم وأسماء أجدادهم فكان استغرابي عظيما جدا لما أن أخفقت فرجعت بصفقة المغبون ، فلا يتمكن الأكثر من الإجابة لأزيد من جدّ إلا القليل من الرؤساء ، والعبرة للسواد الأعظم ، لا يعرفون غير اسم الأب أو الجد ، ثم القرية ، واسم القبيلة ، وما سوى ذلك لا يلتفتون اليه ، ولا يبالون به مهما كان. والعرب في هذه الحالة يفترقون عنهم.
وكأن الرجل من هؤلاء ابن قريته ، أو قبيلته التي عرفها باسمها العام الشامل. ولا نشاهد أسرة تعرف أكثر من أنها أسرة ، ولا تعلم اتصالها بغيرها الا أن تكون من أسرة إمارة أو ما ماثل مما يدعو للاحتفاظ ... والرجل بعد أن يكبر ، ويستطيع أن يعمل لنفسه لا يرون ضرورة للاحتفاظ به ، أو الاتصال الأبدي ومن ثم ينفصل من أسرته ، ولا يعرف غير نفسه وغير قريته أو قبيلته.
لا نرى للأسرة فروعا تمت اليها. وبين أيدينا قبائل عديدة ، ليس لها ما يؤيد تفريعها. وأسرة الأمراء مستثناة ، تحفظ لنفسها بذلك ، ولا تتجاوز