الغزو) ، وفي هذا من الصعوبة ما لا يوصف ، يريد أن يعيش ، فمنع من حياة اعتادها ، فمن الضروري اتخاذ التسهيلات له في لوازم الحياة وما تقوم به من تربية مواشيه ، والاحتفاظ بثروته وتكثيرها من طريق التعب الحلال ... فلا ندعه يترك بداوته رأسا ، أو يهرب منها إلى حياة قد لا يعيش فيها ولا تلائم طبعه ... وإنما نريد أن يكون آلة صالحة للانتاج وهو في بداوته فإذا علم إنه قد استفاد من الانتاج ، وربح الشيء الكثير ، رغب فيما يولد فائدة أكبر ، أو أنه يؤسس ريفا في المواطن القاحلة ... وأعظم خطر يعرض له المحل بأن تجدب السنة ، ولا يجد ما يكفي لقوام ابله ومواشيه ... وفي هذه الحالة إذا لاحظنا التدبير له رفعنا عنه خطرا عظيما ... وللبدو مواطن خاصة يتجولون بها ، وآبار معينة ، وفي الغالب نرى «المورد العذب كثير الزحام» ، فإذا حصلت أمطار في جهة ، وأربعت الأرض في ناحية دون النواحي الأخرى ففي هذه الحالة يلاحظ الخطر من التقرب والاختلاط خصوصا اذا كان الموطن غير واف بالحاجة ... وهذا من لوازمه وقوع منازعات ، ومن ثم يجب تحديد المناطق ، وحسن ادارة الوضع ليستفيد الكل ، وان يراعى المقدار ودرجة الزحام عليه ، وتدبير هذه الأوضاع بعقل وحكمة ...
ولا تقف التدابير عند هذا ، وإنما يجب أن يوزع البدو إلى مواطن أخرى خصبة ، ويعترضنا طريق سير القبيلة ، وما تمر به من قبائل وتسهيل هذا التنقل أما بأخذ رأي الرؤساء ، وأن تدفن الضغائن ، ولا تولد وقائع جديدة ، أو مراعاة المصلحة بصورة عامة لئلا تحدث عراقيل أكبر ووقائع مؤلمة ... ذلك كله نفعله إلى أن تتوسع المشاريع الزراعية ، أو تحفر الآبار الارتوازية وما ماثل ...
وهذا لا يبنى على قاعدة وإنما تراعى فيه الحالة بكل دقة واهتمام وحكمة ... ولا يغب عن أذهاننا أن الحكومات في كافة عهودها كانت ولا تزال إلى ما يقرب منا تماشي العشائر في سيرتها ، وتقدر الحساب لها ، وتسترضيها ، وتراعي جانبها إلى آخر ما هنالك ... ولكن هذه لم تولد نتائج صالحة ومفيدة ، وغاية ما فيها تسكين الحالة مؤقتا. فلو عرفت العشائر أن