ومهما كان السبب الحقيقي في وضع هذا النظام ـ قبل أن يكون نظاما ـ وبواعث العمل به ، فانه سبق ان طبق عينا أو ما هو قريب منه وضعا في انحاء مصر قبل العراق ، وتألموا منه كما تألمنا ... وقد قبلنا أحكامه ، ولاحظناها ظهرا لبطن فلم نتبين فوائده في حين انه تجلت لنا أضراره الكثيرة ...
أما أنه لو حدث أمر عظيم بين قبيلتين او قبائل فحينئذ يكون الحسم بالتفاهم ، أو بايقاف المتجاوز عند حده. وذلك مما يتعلق بالسياسة العشائرية وهي فوق هذا النظام الذي تتعلق قضاياه بأمور شخصية جزائية أو مدنية ... ولكن السياسة العشائرية المذكورة تتطلب المصلحة العامة اكثر مما تهمها قضية شخص ونزاعه على شاة او بعير ... وقد رأينا في وقائع تاريخية عديدة لزوم ادارة العشائر بحكمة في اوضاعها المختلفة سواء في العلاقات الداخلية وتقوية روابطها والخارجية وحسن تمشيتها مما يصلح ان يكون مثالا يحتذى بحيث تتوقف هذه الإدارة على صحة العمل وتعقل القائمين به ... وكم من قبيلة كبرى او امارة تحكمت في مقدرات العراق ، وفي الحكومات المجاورة حتى دعا ذلك إلى عقد معاهدات للتكاتف ضد صولة هؤلاء ، والقضاء على نفوذهم والاستقلال في إدارة المملكة ، وقد أوضحنا هذه الناحية بأمثلة كثيرة في (تاريخ العراق) ...
وكلمتي الأخيرة ، ان بقاءه عودة بقبائلنا إلى العصور الجاهلية الأولى ... وقد دلتنا التجارب إلى ان التمسك به جرّ إلى اختلاق عوائد ، أو تقرير تقاليد اما انها لا اصل لها فاوجدت بتأثير ، أو أنها مما لا يقرها عدل ، ولا يقبلها قانون ، أو أنها نتيجة اثرة وتحكم كما تقدم وبعضها فيها هدم للأحكام الشرعية فيما يتعلق بالمواد الشخصية المعتادة ... واذا كان لا بد من تطبيقه فيجب ان تحدد قضاياه من جهة ، وان يكون قانون العقوبات اساسا له ، وان تحسم قضايا العشائر على يد الحكام القضائيين لا بيد الإداريين.
ان وزارة المالية الجليلة رفعت عنها غائلة كبرى بوضع الاستهلاك