مقدمة
للدكتور عبد الحليم منتصر
تكوّن المعادن والآثار العلوية الفن الخامس من طبيعيات الشفاء ، ويقع فى مقالتين كبيرتين تشتمل كل منهما على ستة فصول. وقد اشتملت المقالة الأولى على الكلام فى الجبال وتكوّنها ومنافعها وتكوّن السحب والأنداء ، ومنابع المياه ، والزلازل ، وتكوين المعدنيات ، وأحوال المسكونة وأمزجة البلاد.
وتضمنت المقالة الثانية الكلام فى السحب وما ينزل منها ، والسبب الفاعل للهالة وقوس قزح ، والرياح ، والرعد والبرق والصواعق وكواكب الرجم والشهب الدائرة وذوات الأذناب ، وما يتصل بالحوادث الكبار التي تحدث فى العالم.
وإن المتأمل فى هذه الفصول ليروعه عبقرية الشيخ الرئيس النادرة المثال فهو بحق كما قال فيه سارتون" قد أعجز من جاء بعده أن يجاريه" ، إذ أن جميع الآراء أو أغلبها ـ إن أردنا الدقة فى التعبير ـ التي وردت فى هذا الكتاب تتفق مع ما يقول به العلم الحديث فى عصرنا الحاضر.
وفيما يلى عرض سريع موجز لبعض الآراء كما ذكرت بنصها :
(ا) الجبال :
يقول فى تكوّن الجبال ، الغالب أن تكوّنها من طين لزج ، جف على طول الزمان ، تحجر فى مدد لا تضبط ، فيشبه أن تكون هذه المعمورة ، قد كانت فى سالف الأيام غير معمورة ، بل مغمورة فى البحار ، فتحجرت ، إما بعد الانكشاف قليلا قليلا ، فى مدد لا تفى التأريخات بحفظ أطرافها ، وإما تحت المياه لشدة الحرارة المحتقنة تحت البحر ، والأولى أن يكون بعد الانكشاف ، وأن تكون طينتها تعينها على التحجر ، إذ تكون طينتها لزجة ، ولهذا ما يوجد فى كثير من الأحجار إذا كسرت أجزاء من الحيوانات المائية كالأصداف وغيرها ، ولا يبعد أن تكون القوى المعدنية قد تكونت هناك :