(إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا ..) (١٤ : ٤٠) (بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ ..) (٦ : ٢٨) (إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (٣ : ٥٤) (وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ) (٧ : ٢٥) (وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً) (١٠ : ٦١).
وقد يشير «المضي» في «ما كنتم» إلى أن الاستتار المنفي يشمل حين تلقي الشهادة يوم الدنيا ، كما يشمل حين إلقاءها يوم الأخرى ، وكما يلمح به نزول الآية عند ظنّتهم هذه مهما كانت الشهادة الأولى شهود نفس العمل ، والثانية شهادة عليه ، فموقف «على» هنا يسجل نفي الاستتار هناك (١).
بل الأصل في «ما كنتم» هو الاستتار في الأولى ، أن لو تحقق كان استتارا في الأخرى ، ولكن (ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ) هناك ، فكيف تستترون هنا وهي شهادات ملتقاة ولا بد أن تلقى!
ما كان يخطر ببالكم أنها سوف تكون وبالكم (وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ) فخدعكم ذلك الظن القاحل الأثيم وقادكم في مآلكم إلى الجحيم :
(وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٢٣).
الرديء هو الهلاك ، فالإرداء : الإهلاك ، وقد أرادهم هالكين ذلك الظن
__________________
(١) ففي الاول يقال شهده وفي الثاني شهد عليه ولا يصح الجمع ب «شهده» الا «شهد عليه» حتى يشمل الشهادة عليه.