النفوذ في الطبقات ، فإذا كان السيلان لم ينقطع فلا ينبغي أن تستعمل لأنها حينئذ تشدد الوجع ، وذلك أن أوردة العين تتمدد من كثرة ما تمتلىء وتمدد الصفاقات فربما تأکلت ور بما تخرقت ، ومنفعة هذه لا تتبين إلا في زمان طويل إلا أنه يضطر إليها إذا كانت في العين / قرحة وتأكل في القرنية ونتوء في العنبية ، وإذا كانت تسيل إليها رطوبة حريفة ـ لأنه لا يمكن حينئذ استعمال شيء غيرها لأن القابضة وإن كانت تمنع الرطوبة أن تسيل منعاً قوياً ـ فإنها تحصر وتجمع العين بشدة فتزيد في الوجع ، والدواء الحاد يزيد في رداءة الرطوبات ويجر إليها ، والدواء المرخي والمحلل والمنضج يفرغ هذه الرطوبات السائلة إلا أنها لا تملأ القروح ولا تدملها ولا تقبض النتوء ، ولس صلح لمثل هذه العلة إلا الأدوية القريبة من الاعتدال وإلى البرد ما هي التي تجفف تجفيفا يسيراً ولا تلذع البتة ، وهذه هي التوتيا المغسول والإسفيداج والإثمد المغسول والقلما المحرق المغسول والرصاص المحرق المغسول.
جالينوس : وفي القليميا جلاء يسير مع ذلك ، ولو غسل بعد الإحراق أو لم يحرق البتة ، وفي التوتيا قبض يسير وكذا في الرصاص المحرق المغسول وفي الإسفيداج ، وأما النشا فإنه إذا تقصى غسله لم يكن له قبض البتة ولا حرافة ، والمرطبة من هذه كبياض البيض الرقيق ولبن النساء وطبيخ الحلبة أو مائها وماء الصمغ والكثيرا فهذه أجمع لا تلذع البتة وتغري وتملس الخشونة / وتسكن حدة الرطوبات الحريفة وتغسلها فيسكن لذلك الوجع ، ولها في العين بقايا للزوجتها وهذا الذي يحتاج إليه لأن العين تنغسل عنها جميع الأدوية أسرع مما يخرج من جميع الأعضاء ولهذا جعلوا أكثر أدويتها حجرية لما يراد من طول بقائها فيها ، ولزوجة هذه يطول بقاءها فيها وذلك أجود شيء لأنك لا تحتاج أن تنبعث العين دائماً ويسيل الجفن في كل قليل ، فإن ذلك أعون ما يكون على هيجان الوجع ، لأن العين حينئذ تحتاج إلى هدوء وسکون ، وخلط الاطباء الصمغ ونحوه بالمعدنة لتلن خشونتها ودفع عادتها عن العين ، ولطيف بياض البيض يغري فقط ، وأما ماء الحلبة فإنه مع ذلك يسكن ويحلل باعتدال ولذلك يسكن كثيراً من أوجاع العين.
واللبن فيه جلاء لمائيته ولهذا يخلط اللبن بالحلبة في الأدوية التي تملأ القروح ، لأن التي تملأ القروح تحتاج أن تكون جلائية.
والصمغ والكثيرا (١) يجمعان الأدوية ويغريان.
والمنضجة تستعمل في أمراض العين والمدة المحتبسة / داخل القرنية في ابتداء
__________________
(١) الصمغ والكثيرا فيهما تغرية أيضاً ، قال في كتاب الجامع للمفردات : حنين في كتاب الترياق في الصمغ مع التغرية يبوسة ـ الجامع وكثيراً ... بارد يابس مجفف مغر يكسر حدة الأدوية ـ بحر الجواهر.