(فَتَعالَى اللهُ ـ الْمَلِكُ ـ الْحَقُّ) عن العبث بالخلق ، وعن ان يكون له شريك في الملك او ولي من الذل ، او ان يترك خلقه سدى دون هدى بالوحي (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ) عرش الربوبية والتدبير ، في التكوين والتشريع «الكريم» عرش لا تضيّق فيه ، بل هو كريم واسع الرحمة.
(وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) ١١٧.
(لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ) قد تكون جزاء الشرط نكرانا لاي برهان على إله آخر ، ام وصفا ل (إِلهاً آخَرَ) مماشاة ، ان لو كان هنالك برهان له لكان مقبولا ، ام قيدا توضيحيا حيث الإله الآخر لا برهان له ، فهذه الدعوة والدعوى الباطلة دون اي برهان ولا إمكانه هو من أضل الضلال وأظلم الظلم (فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ) يوم القيامة الكبرى (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) لا برهانا ولا واقعا متخلفا عن برهان ، لا في الاولى ولا الاخرى ، مهما ارعدوا وابرقوا في هذه الأدنى ، إذا فكل دعوى دون اي برهان فيه حساب عند الله دون اي افلاح لصاحبها ، فذلك محرّم شرعيا كما هو محرم عقليا وفطريا ، حيث الإنسان العاقل والمتشرع هو ابن البرهان جملة وتفصيلا ، وفيما يجب عليه التقليد لعجز عن الاجتهاد ، فلا يجوز التقليد ـ كما الاجتهاد ـ دون اي برهان.
ويا لها من سورة بدايتها تبشير للمؤمنين (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) ومن نهايتها إنذار الكافرين (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) ثم ختامها الاستغفار والاسترحام للمؤمنين :
(وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) ١١٨.
(رَبِّ اغْفِرْ) لي عما يهاجمني من دوائر السوء التي تعرقل دون رسالتي «وارحم» ني في هذه السبيل الشائكة المليئة بالأشلاء والدماء.