حاشية شرح الوقاية. والمطابعة قسم من المحاباة.
الطّبقة : [في الانكليزية] Clae ، category ـ [في الفرنسية] Clae ، categorie
بالفتح وسكون الموحدة لغة القوم المتشابهون. وفي اصطلاح المحدّثين عبارة عن جماعة اشتركوا في السّنّ ولقاء المشايخ والأخذ عنهم. فإمّا أن يكون شيوخ هذا الراوي شيوخ ذلك ، أو يماثل ، أو يقارن شيوخ هذا شيوخ ذلك ، وبهما اكتفوا بالتشابه في الأخذ.
وقد يكون الشخص الواحد من طبقتين باعتبارين بأن يكون الراوي من طبقة لمشابهته بتلك الطبقة من وجه ، ومن طبقة أخرى لمشابهته بها من وجه آخر ، كأنس بن مالك فإنّه من حيث ثبوت صحبته للنبي صلىاللهعليهوسلم يعدّ من طبقة العشرة المبشّرة لهم بالجنة مثلا ، ومن حيث صغر السّنّ يعدّ في طبقة من بعدهم.
فمن نظر إلى الصحابة باعتبار الصّحبة جعل الجميع طبقة واحدة كما صنع ابن حبّان وغيره ، ومن نظر إليهم باعتبار قدر زائد كالسّبق إلى الإسلام وشهود المشاهد الفاضلة جعلهم طبقات ، وإلى ذلك مال صاحب الطبقات أبو عبد الله محمد بن سعد البغدادي (١) وكذلك من جاء بعد الصّحابة وهم التّابعون ، من نظر إليهم باعتبار الأخذ من الصّحابة فقط جعل الجميع طبقة واحدة كما صنع ابن حبان أيضا ، ومن نظر إليهم باعتبار اللّقاء قسّمهم كما فعل محمد بن سعد ، ولكلّ وجه.
ومعرفة الطّبقات من المهمات ، وفائدتها الأمن من تداخل المشتبهين وإمكان الاطّلاع على تبيين التّدليس والوقوف على حقيقة المراد من العنفة ، كذا في شرح النخبة وشرحه.
الطّباق بالكسر عند أهل البديع من المحسّنات المعنوية ، ويسمّى أيضا بالمطابقة والتطبيق والتّضاد والتكافؤ ، وهو الجمع بين المتضادين. وليس المراد بالمتضادين الأمرين الوجوديين المتواردين على محلّ واحد بينهما غاية الخلاف كالسواد والبياض ، بل أعمّ من ذلك وهو ما يكون بينهما تقابل وتناف في الجملة ، وفي بعض الأحوال ، سواء كان التقابل حقيقيا أو اعتباريا ، وسواء كان تقابل التضاد ، أو تقابل الإيجاب والسّلب ، أو تقابل العدم والملكة ، أو تقابل التضايف ، أو ما يشبه شيئا من ذلك ، كذا في المطول. وقيل المطابقة ويسمّى بالطباق أيضا وهي أن يجمع بين الشيئين المتوافقين وبين ضديهما ، ثم إذا شرطت المتوافقين بشرط وجب أن تشترط ضديهما بضدّ ذلك الشرط كقوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى ، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى ، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى ، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى ، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى ، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) (٢) الآية. فالإعطاء والاتّقاء والتّصديق ضدّ البخل والاستغناء والتكذيب ، والمجموع الأول شرط لليسرى ، والمجموع الثاني شرط للعسرى ، كذا في الجرجاني.
والتقييد بالمتضادين باعتبار الأخذ بالأقلّ لا للاحتراز عن الأكثر ، فإنّه جار فيما فوق المتضادين أيضا وإنّما قال في بعض الأحوال ليشتمل طباق السّلب كما في قوله تعالى : (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٣) ، يعلمون الآية ، فإنّ بينهما وإن لم يكن التقابل موجودا بناء على تعلّق العلم بشيء وعدم العلم بشيء آخر ، إلاّ أنّ التقابل
__________________
(١) محمد بن سعد البغدادي : هو محمد بن سعد بن منيع الزهري ، المؤرخ المعروف صاحب كتاب الطبقات. وقد تقدمت ترجمته.
(٢) الليل ٥ ـ ١٠.
(٣) الأعراف / ١٨٧.