معنيان : أحدهما
فعيل بمعنى مفعول وهو الذي تولى الحقّ سبحانه أموره كما قال : (وَهُوَ
يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ). إذا لا يدعه الحقّ تعالى نحو نفسه لحظة واحدة. والثاني :
فعيل بمعنى فاعل وهو من قام بعبادة الحقّ سبحانه وتعالى والسائر على وجهه بشكل
دائم بدون أن يكون هناك حلول.
وكلّ واحد من هذين
الوصفين واجب ليكون وليّا. كما يجب عليه القيام بحقوق الله تعالى على سبيل
الاستقصاء والاستيفاء ودوام حفظ الحقّ تعالى في السّراء والضّراء.
ومن شروط الوليّ
أن يكون محفوظا من الإصرار على المعاصي كما هو شرط النبي العصمة ، كما يشترط فيه
إخفاء حاله ، ومن شروط النبي إظهار حاله. إذا ، كلّ من لا توافق أعماله الشريعة
فهو مخادع أو مغرور .
وفي خلاصة السلوك
: الولي على ما قال البعض هو الذي يكون مستور الحال أبدا والكون كلّه ناطق على
ولايته والمدّعي الذي ناطق بالولاية والكون كلّه ينكر عليه. وقيل الولي الذي بعد
عن الدنيا وقرب إلى المولى.
وقيل الذي فرغ
نفسه لله وأقبل بوجهه على الله.
قال ذو النون لا
تجالسوا أهل الولاية والصّفاء إلاّ على الطهارة والنقاء فإنّهم جواسيس القلوب
انتهى. وفي شرح القصيدة الفارضية : وأما الولاية فهي التصرّف في الخلق بالحقّ
وليست في الحقيقة إلاّ باطن النّبوة لأنّ النبوة ظاهرها الإنباء وباطنها التصرّف
في النفوس بإجراء الأحكام عليها ، والنّبوة مختومة من حيث الإنباء أي الإخبار إذ
لا نبيّ بعد محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم دائمة من حيث الولاية والتصرّف ، لأنّ نفوس الأولياء من
أمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم حملة تصرّف ولايته يتصرّف بهم في الخلق بالحقّ إلى قيام
الساعة ، فباب الولاية مفتوح وباب النّبوة مسدود ، وعلامة صحة الولي متابعة النبي
في الظاهر لأنّهما يأخذان التصرّف من مأخذ واحد إذ الولي هو مظهر تصرّف النبي فلا
متصرّف إلاّ واحد ، ومن هذا الوجه تكلّم بعض الأتباع عن نفسه بخصائص النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على سبيل الحكاية ، فنزّل نفسه من النبي عليه الصلاة
والسلام منزلة الآلة من المتصرّف. وكما أنّ النّبوة دائرة متألّفة في الخارج من
نقط وجودات الأنبياء كاملة بوجود النقطة المحمدية ، فالولاية أيضا دائرة متألّفة
في الخارج من نقط وجودات الأولياء كاملة بوجود النقطة التي سيختم بها الولاية ،
وخاتم الأولياء على ما ذكر لا يكون في الحقيقة إلاّ خاتم الأنبياء ، وعليه تقوم
الساعة ، فظهر الفرق بين النبي والولي ، وأنّه لا يسعه إلاّ متابعة النبي.
وما قيل إنّ
الولاية أفضل من النّبوة لا يصحّ مطلقا إلاّ بقيد وهو أنّ ولاية النبي أفضل من
نبوته التشريعية لأنّ نبوّة التشريع متعلّقة بمصلحة الوقت والولاية لا تعلّق لها
بوقت دون آخر ، بل قام سلطانها إلى قيام الساعة. وأيضا النّبوة صفة الخلق دون
الحقّ والولاية صفة الحقّ ، ولذا يطلق عليه اسم الولي دون النبي ، ولما احتاج
بيانه إلى مثل هذا التأويل ، فليس من الأدب إطلاق القول فيه ، فظهر أنّ مثابة
الأنبياء
__________________