جماعة من الفقهاء. ومنهم من غاير بينهما بأنّ المستفيض يكون في ابتدائه وانتهائه سواء والمشهور أعمّ من ذلك. ومنهم من قال إنّ المستفيض ما تلقّته الأمّة بالقبول بدون اعتبار عدده. لذا قال أبو بكر الصرفي هو والمتواتر بمعنى واحد. ثم المشهور كما يطلق على ما مرّ كذلك يطلق على ما اشتهر على الألسنة فيشتمل ما له إسناد واحد فصاعدا ، وما لا يوجد له إسناد أصلا انتهى. وفي الاتقان القراءة المشهورة ما صحّ سنده ولم يبلغ درجة التواتر ووافق العربية والرسم واشتهر عند القراءة فلم يعدّوه من الغلط ولا من الشواذ انتهى.
فائدة :
اختلف في المشهور فبعض أصحاب الشافعي على أنّه ملحق بخبر الواحد فلا يفيد إلاّ الظّنّ. وأبو بكر الجصاص وجماعة من أصحاب أبي حنيفة على أنّه مثل المتواتر فيثبت به علم اليقين لكن بطريق الاستدلال لا بطريق الضرورة. وعيسى بن أبان من أصحاب أبي حنيفة على أنّه يوجب علم طمأنينة لا علم يقين فكان دون المتواتر فوق خبر الواحد حتى جازت الزيادة به على الكتاب وهو اختيار الإمام القاضي أبي زيد وعامة المتأخّرين. قال أبو البشر (١) حاصل الاختلاف راجع إلى الإكفار ، فعند الفريق الأول من أصحاب أبي حنيفة يكفر جاحده ، وعند الفريق الثاني منهم لا يكفر.
ونصّ شمس الأئمة على أنّ جاحده لا يكفر بالاتفاق ، وعلى هذا لا يظهر أثر الاختلاف في الأحكام كذا في بعض شروح الحسامي.
المشهورات : [في الانكليزية] Admitted premies or conventional ـ [في الفرنسية] premies admises ou conventionnelles
في عرف العلماء هي قضايا يعترف بها الناس وهي من المقدّمات الظّنّية ، وليس المراد (٢) بالناس الاستغراق الحقيقي إذ لا قضية يعترف بها جميع أفراد الإنسان بل العرفي من قرن أو إقليم أو بلدة أو صناعة أو غير ذلك ، ولا بدّ من اعتبار الحيثية أي يحكم بها العقل لأجل اعتراف الناس ليخرج الأوليات ، أو يقال بخروجها لكونها من أقسام الظّنّيات. والقول بأنّه يجوز أن يكون بعض القضايا من الأوليات باعتبار ومن المشهورات باعتبار لا يعبأ به لأنّه لا يمكن أن تكون قضية يقينية باعتبار ، وظنّية باعتبار ، فظهر فساد ما قيل : الجدل قياس مركّب من قضايا مشهورة أو مسلّمة وإن كانت في الواقع يقينية أو أوّلية ، على أنّه يستلزم تداخل الصناعات الخمس ، هكذا حقّق المولوي عبد الحكيم في حاشية شرح الشمسية. وفي الصادق الحلوائي حاشية الطيبي المشهورات في المشهور ما اعترف به جميع الناس أو جمهورهم أو جماعة من أهل الصناعة أو من غيرهم ، إمّا لكونها حقّة جليّة كقولنا الضدان لا يجتمعان أو مناسبة للحقّ الجلي مع مخالفتها إيّاه بقيد جلي ، فتكون مشهورة مطلقا وحقّا مع ذلك القيد كقولنا حكم الشيء حكم شبهه وهو حقّ لا مطلقا ، بل فيما هو شبهه له ، أو لاشتماله على مصلحة عامة كقولنا الظلم قبيح والعدل حسن ، أو لما يقتضيه الاستقراء كقولنا الملك العقر ظالم (٣) ، أو لما في طباعهم كالرّقة كقولنا مراعاة الضعفاء
__________________
(١) هو ابو البشر الأزدي زيد بن بشر الحضرمي المالكي. توفي بتونس عام ٢٤٢ ه. عالم فقيه من المغرب ، ثقة ، روى عنه خلق كثير.
سير أعلام النبلاء ١١ / ٥٢١ ، الجرح والتعديل ٣ ٥٥٧.
(٢) المقصود (م ، ع).
(٣) عسكر سلطاننا شجعان (م ، ع).