محذوفا على ما قيل لأنّه حينئذ يكون متصلا مفرّغا لا منقطعا ، ولا يقال ما جاءني زيد إلاّ أنّ الجوهر الفرد حقّ إذ لا مخالفة بينهما بأحد الوجهين.
فائدة :
قال أهل العربية : الاستثناء من الإثبات نفي ومن النفي إثبات. فلو قال له عليّ عشرة إلاّ تسعة إلاّ ثمانية وجبت تسعة إذ المعنى إلاّ تسعة لا يلزمني إلاّ ثمانية يلزمني ، فيلزم الثمانية والواحد الباقي من العشرة. والطريق فيه وفي نظائره أن يجمع كلّما هو إثبات وكلّما هو نفي ويسقط المنفي من المثبت فيكون الباقي هو الواجب. ثم إن كان المذكور أوّلا شفعا فالإشفاع مثبته أو وترا فعكسه كذا في شرح المنهاج وبه قال الشافعي. وقال الحنفية إنّه ليس كذلك بل هو تكلّم بالباقي بعد الثنيا وتوضيح ذلك يطلب من العضدي والتوضيح وحواشيهما.
فائدة :
اختلف علماء الأصول في كيفية دلالة الاستثناء على المقصود على ثلاثة أقوال. الأول أنّ العشرة في قولنا عندي عشرة إلاّ ثلاثة مجاز عن السبعة أعني أطلق العشرة على السبعة مجازا وإلاّ ثلاثة قرينة. والثاني أنّ المراد بعشرة معناها أي عشرة أفراد فيتناول السبعة والثلاثة معا ثم أخرج منها ثلاثة ثم أسند الحكم إلى العشرة المخرج منها ثلاثة وهو سبعة ، فلم يقع الإسناد إلاّ على سبعة. والثالث أنّ المجموع أعني عشرة إلاّ ثلاثة هو موضوع بإزاء سبعة حتى كأنّها وضع لها اسمان مفرد وهو سبعة ومركّب وهو عشرة إلاّ ثلاثة. والتفصيل في كتب الأصول.
أعلم أنّ الاستثناء إن تضمّن ضربا من المحاسن يصير من المحسّنات البديعية كقوله تعالى (فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عاماً) (١) فإن إخبار هذه المدة بهذه الصيغة تمهيد بعذر نوح في دعائه على قومه بدعوة أهلكتهم عن آخرهم ، إذ لو قيل فلبث فيهم تسعمائة وخمسين عاما لم يكن فيه من التهويل ما في الأول ، لأنّ لفظ الألف في الأول أول ما يطرق السمع فيشتغل بها عن سماع بقية الكلام ، وإذا جاء الاستثناء لم يبق له بعد ما تقدّمه وقع يزيل ما حصل عنده من ذكر الألف كذا في الإتقان.
المستحبّ : [في الانكليزية] Agreeable pleasant ـ [في الفرنسية] Agreable ، plaisant
هو اسم مفعول من الاستحباب بمعنى دوست داشتن ونيك شمردن ـ المحبة ، والترغيب في الأمر ـ على ما في المنتخب.
وفي الشرع ما فعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مرة وترك أخرى فيكون دون السّنن المؤكّدة لاشتراط المواظبة فيها ، سمّي به لاختيار الشارع إيّاه على المباح. ويسمّى بالمندوب أيضا لدعائه إليه وبالتطوّع لكونه غير واجب وبالنفل أيضا لزيادته على غيره ، ويجيء في لفظ النفل أيضا. وقد يطلق المستحبّ على كون الفعل مطلوبا بالجزم أو بغير الجزم ، فيشتمل الفرض والسّنّة والنّدب ، وعلى كونه غير الجزم فيشتمل الأخيرين فقط كذا في جامع الرموز في بيان مستحبّات الوضوء. والمراد بكون الفعل مطلوبا بالجزم كونه مطلوبا طلبا مانعا من النقيض وبكونه مطلوبا بغير الجزم كونه مطلوبا طلبا غير مانع من النقيض كما يستفاد من بعض كتب الأصول ، ويؤيّده ما في التوضيح :
__________________
(١) العنكبوت ١٤.