فيسعى دائما إلى طلب الكمال ، ولا يقرّ له قرار حتى يحصل على مراده والقرب من الحقّ سبحانه وتعالى. وكلّ من اتّسم باسم أهل الإرادة فلا مراد له سوى الحقّ في الدارين. وإن هو توقّف واستراح لحظة عن الطلب فإنّ اسم المريد له هو مجاز وبالعارية (١) قال أبو عثمان : المريد الذي مات قلبه عن كلّ شيء دون الله فيريد الله وحده ويريد به قربه ويشتاق إليه حتى تذهب شهوات الدنيا من قلبه لشدّة شوقه إلى الله. والمريد الصّادق هو المتّجه بكلّه وجملته إلى الله وقلبه دائما معلّق بالشيخ بسبب إرادته الكاملة ، ويعدّ روحانية الشيخ حاضرة معه في جميع الأحوال ويستخدمه بطريق الباطن ويرى نفسه مع الشيخ كالميت بين يدي الغسّال ، كي يبقى محفوظا من شرّ الشيطان ووساوس النفس الأمّارة ، كذا في مجمع السلوك (٢). وفي خلاصة السلوك المريد الذي أعرض قلبه عن كلّما سوى الله ، وقيل المريد من يحفظ مراد الله.
المريض : [في الانكليزية] Sick ، ill ـ [في الفرنسية] Malade ، patient
مرض الموت عند الفقهاء هو من كان غالب حاله الهلاك رجلا كان أو امرأة ، كمريض عجز عن إقامة مصالحه خارج البيت أي عن الذهاب إلى حوائجه خارج البيت وهو الصحيح كما في المحيط ، ومثل من بارز رجلا في المحاربة أي خرج من صف القتال لأجل القتال أو قدّم ليقتل لقصاص أو رجم أو قدّمه ظالم ليقتله ، أو أخذه السّبع بغتة أو انكسر السفينة وبقي على لوح ، هكذا ذكر البعض وهو مختار قاضي خان وكثير المشايخ. وقال صاحب الكافي هو الصحيح. وقال مشايخ بلخ (٣) إذا قدر على القيام لمصالحه وحوائجه سواء كان في البيت أو خارجه فهو بمنزلة الصحيح وهو اختيار صاحب الهداية. وفي الخزانة هو الذي يصير صاحب فراش ويعجز عن القيام بمصالحه الخارجة ويزداد كلّ يوم مرضه. وفي الظهيرية وقد تكلّف بعض المتأخّرين وقال : إن كان بحيث يخطو بخطوات من غير أن يستعين بأحد فهو في حكم الصحيح وهذا ضعيف لأنّ المريض جدّا لا يعجز عن هذا القدر إذا تكلّف. وعن الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رحمهالله هو الذي لا يقوم إلاّ بشدّة وتعذّر في خلوته جالسا. وفي فتاوى قاضي خان أنّ المقعد والمفلوج إن لم يكن قديما فهو بمنزلة المريض ، وإن كان قديما فهو بمنزلة الصحيح. وقال محمد بن سلمة (٤) إن كان
__________________
(١) ونزد اهل تصوف بدو معنى آيد يكى بمعني محب يعنى سالك مجذوب دوم بمعني مقتدي ومقتدي آن باشد كه حق سبحانه تعالى ديده بصيرتش را بنور هدايت بينا گرداند تا وى بنقصان خود نگرد ودائما در طلب كمال باشد وقرار نگيرد مگر بحصول مراد ووجود قرب حق سبحانه تعالى وهركه باسم اهل ارادت موسوم بود جز حق در دو جهان مرادى نداند واگر يك لحظه از طلب آن بيارامد اسم ارادت برو عاريت ومجازا باشد.
(٢) ومريد صادق آن باشد كه كلاّ وجملة روي به سوى خدا دارد ودوام دل با شيخ دارد از سر ارادت تمام وروحانية شيخ را حاضر داند در همه احوال ودر راه باطن از وى استمداد كند وخود را با شيخ مثل ميت در دست غسال گرداند تا از شر شيطان ونفس اماره محفوظ ماند.
(٣) هي مدينة خراسان العظمى. كانت دار مملكة الاتراك والملك. فيها اسواق عامرة ، ومتاجر ، وصناعات ومساجد ، وتقع على ضفة نهر. وفيها أيضا مدارس للعلوم ومقامات للطلاب والأرزاق. فتحها عبد الله بن سمرة أيام خلافة معاوية بن أبي سفيان.
الروض المعطار ٩٦ ، نزهة المشتاق ١٤٥ ، الطبري ١ ٢٩٠ ، فتوح البلدان ٥٠٤ ، ابن الأثير ١٢ / ٣٩٠ ، معجم ما استعجم ١ ٢٧٣ ، ٢٧٨. ابن حوقل ٣٧٣ ، الكرخي ١٥٥.
(٤) هو محمد بن سلمة بن ارشبيل اليشكري ، ابو جعفر ، توفي نحو عام ٢٣٠ ه / ٨٤٠ م. عالم بالعربية والأنساب. أخذ عنه ابن السكين له عدة مؤلفات.
الأعلام ٦ ١٤٧ ، فهم المقال ٢٩٧.