في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام في هذه الآية : قد جمع الله ما يتواصى (١) به المتواصون من الأولين والآخرين في خصلة واحدة وهي التقوى وفيه جماع كل عبادة صالحة وبه وصل من وصل إلى الدرجات العلى وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مالك الملك كله لا يتضرر بكفرانكم وعصيانكم كما لا ينتفع بشكركم وتقواكم وانما وصاكم لرحمته لا لحاجته وَكانَ اللهُ غَنِيًّا عن الخلق وعباداتهم حَمِيداً في ذاته حمد أو لم يحمد.
(١٣٢) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ كل يدلّ بحاجته على غناه وبما فاض عليه من الوجود والكمال على كونه حميداً وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً حافظاً للجميع لا يعزب عنه مثقال ذرة فيهما وقيل راجع إلى قوله يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ فانه يوكل بكفايتهما وما بينهما تقرير لذلك.
(١٣٣) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ يفنكم أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ ويوجد قوماً آخرين مكانكم وَكانَ اللهُ عَلى ذلِكَ من الإِعدام والإيجاد قَدِيراً بليغ القدرة لا يعجزه مراد.
في المجمع ويروى : أنه لما نزلت هذه الآية ضرب النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم يده على ظهر سلمان رضي الله عنه وقال هم قوم هذا يعني عجم الفرس.
(١٣٤) مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا كمن يجاهد للغنيمة فَعِنْدَ اللهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فليطلب الثوابين جميعاً من عند الله وما باله يكتفي بأخسهما ويدع أشرفهما على أنّه لو طلب الأشرف لم يخطئه الأخس.
في الكافي والخصال عن الصادق عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم قال : كانت الحكماء والفقهاء إذا كاتب بعضهم بعضاً كتبوا بثلاث ليس معهن رابعة من كانت الآخرة همته كفاه الله همته من الدنيا ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته ومن أصلح فيما بينه وبين الله أصلح الله فيما بينه وبين الناس.
وفي الفقيه عن الصادق عليه السلام : الدنيا طالبة ومطلوبة فمن طلب الدنيا طلبه
__________________
(١) تواصى القوم أي أوصى بعضهم بعضاً (ص)