أتى بمن الزائدة للاستغراق تأكيداً للرد على النصارى في تثليثهم وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ لا أحد سواه يساويه في القدرة التامة والحكمة البالغة ليشاركه في الألوهية.
(٦٣) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ وعيد لهم وضع المظهر موضع المضمر ليدل على أن التولي عن الحجج والاعراض عن التوحيد افساد للدين ويؤدي إلى افساد النفس بل وإلى افساد العالم.
(٦٤) قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ ان نوحده بالعبادة ونخلص فيها وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً ولا نجعل غيره شريكاً له في العبادة وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ ولا نقول عزير ابن الله ولا المسيح ابن الله ولا نطيع الأحبار فيما أحدثوا من التحريم والتحليل لأن كلا منهم بشر مثلنا.
في المجمع روي : انهم لما نزلت اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ قال عدي بن حاتم ما كنّا نعبدهم يا رسول الله قال أليس كانوا يحلون لكم ويحرمون فتأخذون بقولهم قال نعم قال هو ذاك فَإِنْ تَوَلَّوْا عن التوحيد فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ أي لزمتكم الحجّة فاعترفوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ دونكم قيل انظر إلى ما راعى في هذه القصة من المبالغة في الإرشاد وحسن التدرج في الحجاج بيّن اولاً أحوال عيسى وما تعاور عليه من الأطوار المنافية للالهية ثمّ ذكر ما يحل عقدتهم ويزيح شبهتهم فلما رأى عنادهم ولجاجهم دعاهم إلى المباهلة بنوع من الاعجاز ثمّ لما اعرضوا عنها وانقادوا بعض الانقياد عاد عليهم بالإرشاد وسلك طريقاً أسهل وألزم بأن دعاهم إلى ما وافق عليه عيسى والإنجيل وسائر الأنبياء والكتب ثمّ لما لم يجْد ذلك أيضاً عليهم وعلم ان الآيات والنذر لا تغني عنهم اعرض عن ذلك وقال اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ.
(٦٥) يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ قيل : تنازعت اليهود والنصارى في إبراهيم وزعم كل فريق انه منهم فترافعوا