يظنون لأنّهم لا يدرون بماذا يختم لهم لأن العاقبة مستورة عنهم لا يعلمون ذلك يقيناً لأنهم لا يأمنون أن يغيروا ويُبَدِّلوا. قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم : لا يزال المؤمن خائفاً ، من سوء العاقبة ولا يتيقن الوصول إلى رضوان الله حتّى يكون وقت نزع روحه وظهور ملك الموت له الحديث. ويأتي تمامه في سورة حم السجدة ان شاء الله عند تفسير إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا ، الآية.
(٤٧) يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ إذ بعثت موسى وهارون إلى أسلافكم بالنبوة فهدياهم إلى نبوّة محمّد صلّى الله عليه وآله وسلم ووصية عليّ عليه السلام وإمامة عترته الطيبين عليهم السلام وأخذا عليهم بذلك العهود التي إن وفوا بها كانوا ملوكاً في الجنان وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ هناك أي فعلته بأسلافكم فضّلتهم في دينهم بقبول ولاية محمّد وآله عليهم السلام وفي دنياهم بتظليل الغمام وانزال المنّ والسلوى وسقيهم من الحجر ماء عذباً وفلق البحر لهم وانجائهم وغرق أعدائهم فضلتهم بذلك على عالمي زمانهم الذين خالفوا طريقتهم وحادوا عن سبيلهم.
أقول : وإنّما خاطب الله الأخلاف بما فعل بالأسلاف أو فعلوه من الخير والشر لأن القرآن نزل بلغة العرب وهم يخاطبون بمثل ذلك يقول الرجل للتميمي الذي أغار قومه على بلدة وقتلوا من فيها أغرتم على بلدة كذا وفعلتم كذا وقتلتم أهلها وإن لم يكن هو معهم مع أن الأخلاف راضون بما فعل بالأسلاف أو فعلوه ، كذا في تفسير الإمام (١) عليه السلام عن السجّاد عليه السلام. وقد مضى تحقيقه في المقدّمة الثالثة.
(٤٨) وَاتَّقُوا يَوْماً وقت النزع لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً لا تدفع عنها عذاباً قد استحقته وَلا يُقْبَلُ وقرئ بالتاء مِنْها شَفاعَةٌ بتأخير الموت عنها وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ أي فداء مكانها تُمات وتترك هي وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ.
أقول : يعني في دفع الموت والعذاب.
وفي تفسير الإمام عليه السلام : هذا يوم الموت فان الشفاعة والفداء لا يغني عنه
__________________
(١) أورد عند تفسير قوله تعالى : وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ. منه قدّس سرّه.