أقول : لما كَان المعرفة في الدنيا بذر المشاهدة في الآخرة جاز أن يكون أشير هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ لأهل المعرفة إلى ثمرة علومهم ومعارفهم التي صارت عيناً وعياناً.
وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ من الحيض والنّفاس وسائر أنواع الأقذار والفواحش لا ولّاجات ولا خرّاجات ولا دخّالات ولا ختّالات ولا متغايرات ولا لأزواجهن فركات ولا صخّابات (١) ولا عيابات ولا نخّاسات ومن كل العيوب والمكاره بريئات.
أقول : الولّاجات الخرّاجات اللواتي يكثرن الظّرف والاختيار والدخّالات الغاشّات والختّالات الخداعات والمتغايرات من الغيرة وفركات مبغضات والصّخابات الصيّاحات والعيّابات من العيب والنّخاسات الدفّاعات.
وفي الفقيه عن الصادق عليه السلام : لا يحضن ولا يحدثن.
وَهُمْ فِيها خالِدُونَ : لأنّ نيّاتهم في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا الله أبداً فبالنيّات خلّدوا كذا في العلل عن الصادق عليه السلام ..
(٢٦) إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً : للحقّ يوضحه به لعباده المؤمنين ، ما ما هو المثل.
أقول : يعني أي مثل كان فان ما لزيادة الإبهام والشيوع في النّكرة بَعُوضَةً فَما فَوْقَها وهو الذّباب. ردّ بذلك على من طعن في ضربه الأمثالَ بالذّباب والعنكبوت وبمستوقد النّار والصّيّب في كتابه.
وفي المجمع عن الصادق عليه السلام : إنَّما ضرب الله المثل بالبعوضة لأنّها على صغر حجمها خلق الله فيها جميع ما خلق الله في الفيل مع كبره وزيادة عضوين آخرين فأراد الله أن ينبّه بذلك المؤمنين على لطيف خلقه وعجيب صنعه.
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ إنّه المثل المضروب الحقّ من
__________________
(١) بالمهملة ثمّ المعجمة ثمّ الموحدة. منه قدّس سرّه.