واخيرا الوادي في
الشمال ويضم ٥٠٠ نسمة تقريبا.
برأيي أن عنيزة
بالذات تعدّ ما بين ١٨٠٠٠ و ٢٠٠٠٠ نسمة على أبعد تقدير. وفيها خمسة عشر مسجدا
وأربع مدارس واحدة منها للبنات.
بعد ما كانت منذ
البداية تشكل جزءا لا يتجزأ من الإمبراطورية الوهابية ، بقيت في هذه التبعية حتى
وفاة فيصل عام ١٨٦٥. ثم نشبت الحرب الأهلية مباشرة بين أولاد الأمير الراحل
الأربعة : سعود ، عبد الله ، عبد الرحمن ومحمد. عند وفاته ترك سعود ولدين محمد
وعبد العزيز. وقد تنازل لهما عبد الله الذي خلف والده أميرا لنجد ، عن أراضي
الخرج.
فور وفاة سعود
تقريبا ، اندلعت حرب خلافة طويلة فيما بين شقيقيه عبد الله ومحمد. وبعد مغامرات
متنوعة أجريا السلم فيما بينهما واحتفظ عبد الله بالسلطة. ولكن خلال الحرب الأهلية
تفككت الإمبراطورية الوهابية ، فأخذ جزءا منها الأتراك أما في الخليج الفارسي وفي
الداخل فقد استقلت عدة مدن كبرى وفي عدادها عنيزة والرس. أولى هاتين المدينتين لم
تعد تدفع لأمير الرياض أي ضريبة منذ عام ١٨٦٧. هذا ما هو عليه الوضع اليوم في نجد
الذي أطرقه عرضا عازما على معالجة الجزء المتعلق بتاريخ الجزيرة العربية الوسطى في
عمل آخر.
غادرت عنيزة في
عشية ٢٠ آب ، بعد صلاة المغرب. وكان الأمير زامل قد اتخذ احتياطات استثنائية لمنع
حصول أي حادث مزعج لي على أراضيه. فقد أخليت الساحة الكبرى أمام الجامع التي يفضي
إليها الطريق المسدود الذي يسكن فيه زامل ووضع رجال مسلحون في الشوارع الخمسة
المؤدية إلى الساحة مانعين كل اتصال. أخذت الطريق عينها التي أتيت منها. ومن بعيد
كنت أسمع رجالا آخرين منهمكين بصد أولئك المتوجهين إلى الساحة وكان صرخات الناس
المدفوعين وصياحهم يتناهيان إليّ. لدى اقترابي رأيت أن جميع رجال الأمير قد
استلّوا سيوفهم من أغمادها. ومع تقدمي تدريجيا مع شمّري كان الرجال الذين يقطعون
الشوارع ينكفئون من ورائي.
لم يدهشني اهتمام
الأمير البالغ بي والذي تجسد بهذا العرض للقوى الذي لم يبلغني عنه على أي حال ،
بقدر ما أدهشتني فظاظة الجنود في تنفيذ الأوامر. أحد السكان الذي لم يعد أدراجه
فورا راغبا في الحصول على مجرد تفسير وجد نفسه محاطا