المبارك ، عشية
ذلك اليوم فيما كنت أشرب القهوة مع الأمير ، سألني إذا كنت عازما على الصوم وإذ
اجبت بالايجاب انفجر ضاحكا ولكنه أكد لي ان هذا لن يحصل وأنه لن يحتمله وأنه علاوة
على ذلك كوني مسافرا يعفيني من الصوم. وبالفعل فقد أعد الطعام لي ولرفيقي كالمعتاد
وكذلك القهوة.
بعد وصولي بأربعة
أيام ، قمت برحلة شمالي بريدة إلى عين ابن فهيد وهي بلدة قديمة جدا يغذي نخيلها
خمسة ينابيع. إنما مياهها الصافية والجميلة المنظر غير صالحة للشرب لأنها متخمة
بأملاح الكلس والماغنيزيوم.
في منتصف الطريق
تقريبا ، بين عين ابن فهيد وبريدة ، توقفت ساعة خارج قرية فقيرة تعد ٦٠ شخصا تدعى
الطرفية. فإثر اختفاء الماء من الآبار قبل أربع سنوات تفرق معظم السكان في بلدات
أخرى وماتت كل أشجار النخيل وظلت جذوعها المجردة من الورق منتصبة في الهواء على
نحو محزن وكأنها غابة من عصي المكانس. كانت جميلة فيما مضى فكلها أشجار نخيل
يتراوح عمرها ما بين مائة ومائة وعشرين سنة.
يزرع السكان ،
بالماء القليل المتبقي وغير الصالح للشرب باستثناء مياه بئر واحد ، الشمّام
والبطيخ. وهم يعملون على جمع الخشب في الصحراء ويبيعونه في بريدة كما يبيعون
الشمّام والبطيخ.
في المقابل ، عين
ابن فهيد في ازدهار مضطرد. وقد رأيت فيها عدة مزارع نخيل فتي تخص إحداها الأمير
حسن.
على مسافة ٣
كيلومترات شمالا ٧٦ درجة شرقا من عين ابن فهيد أطلال قديمة تدعى قصر مارد. وهو
عبارة عن مبنى كبير مربع ، ضخم جدا ، بني بالحصى والملاط الكلسي طول أضلاعه ٤٠ مترا
تقريبا وأضلاع الباحة الداخلية ٣٠ مترا. يواجه باب المدخل الغرب أي القرية الواقعة
على قمة تلة صغيرة تشرف على المنطقة.
على بعد خطوات ،
من الجانب الشمالي للقصر ، صخرة على شكل طاولة يتراوح طولها ما بين ٤٠ و ٥٠ مترا
ويبلغ ارتفاعها مترين ، تحمل نقوشا حميرية عديدة ولكنها كلها ممحوّة تقريبا ولم
أتمكن من نسخ إلا بعضها.
من الناحية
المقابلة للقرية تقريبا ، على بعد كيلومترين إلى الشمال الغربي فوهة