اشتهر عن الكهفة البالغ عدد سكانها ٢٠٠ شخص تقريبا أنها بلدة صحية. الرياح السائدة فيها شمالية. وبحسب أقوال السكان والشيخ عمار الذي استضافني ، فإن المطر يهطل مدة عشرة أيام فقط في بداية الشتاء ، أما باقي السنة فلا تهطل قطرة واحدة.
ليس شيخ الكهفة هو من يستقبل الغرباء العابرين لأنه فقير بل إن هذه المهمة تعود لأغنى مالك وهو عمار الذي يمنح لقب شيخ حتى لو لم يكن شيخا. وعمار هذا هو في الوقت عينه إمام البلدة. من هنا نرى كم كان وضعنا المتبادل دقيقا. فإذا كنت لا أعير اهتماما لكوني ضيف شيخ وهابي ، فإن عدم اكتراثه لرؤية بيته المقدس مدنسا بوجود كافر تجاوز موقفي بكثير. وإلى ذلك فإن قامته الصغيرة النحيلة النافرة العظام وشفتيه المزمومتين وعينيه العميقتين والقلقتين ورأسه الأقرع لم تكن لتمنحه سمة الترحيب. كما وانه اشتهر عنه بخله مع الضيف. إلا انني كنت اسمع السكان الذين جاؤوا إلى المضافة لإلقاء السلام يتهامسون فيما بينهم بأنني على احسن حال مع الأمير محمد وانني ضيفه وصديقه ، فرأيت للمرة الأولى هذا الاسم المحبب يحميني من بعيد. الاستقبال الذي خصني به عمار لم تشبه شائبة. لم يكن في الحقيقة ودودا ولا لطيفا على غرار ما نعمت به حتى ذلك الحين في الجبل. ولكن لا يمكن مطالبة شيخ وهابي بالودّ واللطافة خاصة من قبل نصراني. عاملني معاملة جيدة وألح كثيرا لحملي على العدول عن فكرة الذهاب إلى القصيم. وبما ان الكهفة هي آخر بلدة شمّرية فقد خشي من أن يصيبني مكروه إذ لا أمان من بعد هذه الحدود. عند ما غادرته كانت صداقتنا قد توطدت كليا وما ان اصبحت على مطيتي حتى سمعته بسرور يودعني قائلا" الله معك" وهو الدعاء الاعتيادي لرحلة موفقة في نجد.
على بعد ٦ كيلومترات جنوب شرق الكهفة مجموعة من أربع ملكيات فيها نخيل وحقول شعير تدعى الغميس أخذنا منها مؤونتنا من الماء الذي هو أطيب مذاقا من الماء الذي في الكهفة.
وعلى مسافة ساعة أم الخشبة وفيها أربع ملكيات واسعة هجرت بسبب اختفاء الماء.
في فصول الشتاء الغزيرة الأمطار يأتي سكان الكهفة إليها ليزرعوا فيها الشعير لأن تربتها صالحة جدا.
بين الكهفة والغميس يوجد النفود.