شكلا هلاليا على العموم ولا يتعدى ارتفاعها ١٥ مترا تقريبا. أما طول الارتفاع الذي يحمل اسم عسامين ، فيبلغ ٥٠ كيلومترا.
في ١٤ شباط بدأنا السير قرابة السابعة. وبعد نصف ساعة تراءى لنا جبل صغير لم نلبث أن بلغناه ويدعى جبل الفهدة.
وفي الوقت نفسه الذي رأيت فيه هذا الجبل المنمنم بدا لي في البعيد من جهة الشمال أيضا ارتفاع ذكرني بارتفاع جال الباطن وعسامين. ولم نلبث أن وصلنا إليه وتبين لي أنه أشبه بالأول من الثاني. فكان علينا أن نصعد درجة أولى وبعد مائة متر تقريبا درجة ثانية. والدرجتان معا لا تساويان إلا نصف ارتفاع درجة جال الباطن. وعند بلوغ القمة نكتشف أنها هضبة جرداء كليا.
هذا الارتفاع المتجه أيضا من الشمال ـ الغربي إلى الجنوب ـ الشرقي ، يسري على طول ٦٠ كيلومترا تقريبا ويحمل اسم جال وقصة.
من جال وقصة سرنا مسافة كيلومترين ثم خيّمنا قرب منخفض كانت الأمطار الأخيرة قد حولته إلى بحيرة صغيرة تدعى وشرف.
كان هذا المخيم يشغل هضبة على شكل حوض مسطح جدا بطول ٥ أميال وعرض ميلين. وقد حفر في قعره قرابة ستين بئرا بقطر متر واحد. وكان الجزء الأكبر من هذه الآبار مغمورا بالبحيرة الناتجة عن أمطار الشتاء. لم أر سوى بئر واحدة ضلعها ٨ أمتار ولكنها جميعها محفورة في الصخر. والماء كريه.
وروى لي العرب أن مدينة كبيرة كانت تقوم هنا في غابر الزمان. هل هذه أسطورة تستند إلى عدد الآبار أو على كمية الحصى المتناثر في كل الجهات؟ لقد شاهدت هنا بالفعل بقايا أساسات مبان قديمة ولكنها لا تفوق تلك الموجودة في المحطات السابقة. ومهما يكن من أمر ، فباستثناء الآبار لم يعد هناك شيء ولا حتى حطب بحيث لم يتمكن الكثير من الحجاج إعداد غدائهم لافتقارهم لما يسمح لهم بطبخه.
قبيل الوصول إلى جال وقصة بقليل صادفنا بئر وقصة إلى غرب الطريق عمقها ١٨ مترا ومياهها عذبة.
لا يزال في منطقة وقصة وعسامين ثلاث آبار قديمة جدا. وهي تشغل خطا ينطلق من بركة عسامين ليلتقي طرف جال وقصة في الشمال ـ الشرقي.