فقوله تعالى : (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) إشارة إلى أنه تعالى أعطاهم هذه القوى العظيمة ، ولكنهم ضيّعوها في غير ما خلقت لأجله.
وإنما خصت هذه الجوارح بالذكر ؛ لأنها أداة العلم والفهم.
ثم ذكر الله تعالى البرهان الثالث على كمال قدرته ، فقال :
(قُلْ : هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) أي وقل لهم أيضا : إن الله هو خلقكم وبثكم ووزعكم في أنحاء الأرض ، مع اختلاف ألسنتكم في لغاتكم ، واختلاف ألوانكم وأشكالكم ، ثم إليه تجمعون بعد هذا التفرق والشتات ، فهو يجمعكم كما فرقكم ، ويعيدكم كما بدأكم للحساب والجزاء.
وبعد أمر الله محمدا صلىاللهعليهوسلم بتخويف الكفار بعذاب الله ، ذكر مقالة الكفار ومطالبتهم بتعيين وقت البعث استهزاء واستنكارا ، فقال :
(وَيَقُولُونَ : مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ؟) أي ويقول المشركون لمحمد والمؤمنين تهكما واستهزاء : متى يقع ما تعدنا به من القيامة والحشر والعذاب والنار في الآخرة ، والخسف والحاصب في الدنيا ، إن كنتم يا محمد والمؤمنون به صادقين فيما تدعونه؟ فأخبرونا به ، أو فبيّنوه لنا.
فأجابهم الله بقوله :
(قُلْ : إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ ، وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) أي قل لهم أيها النبي : إنما علم ذلك عند الله ، فلا يعلم وقت الساعة والعذاب على التعيين إلا الله عزوجل ، لكنه أمرني أن أخبركم أن هذا كائن وواقع لا محالة ، فاحذروه ، وإنما أنا منذر لكم ، أنذركم وأخوّفكم عاقبة كفركم ، فعليّ البلاغ وقد أديته لكم.
ثم وصف تعالى حال أولئك الكفار عند رؤية العذاب ، فقال :