قال : لئن رأيت محمدا يصلي لأطأن عنقه ، فأنزل الله : (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً).
المناسبة :
بعد بيان أحوال الكفار والمؤمنين في الآخرة ، ثبّت الله تعالى الرسول صلىاللهعليهوسلم وشرح صدره ، بسبب ما نسبوه إليه من كهانة وسحر ، فذكر الله تعالى أن ذلك وحي من الله ، ثم أمره بالصبر على أذى قومه ، ثم ذكر أحوال هذين الفريقين في الدنيا ، مقدّما بيان أحوال الطائعين وهم الرسول صلىاللهعليهوسلم وأمته على أحوال الكفار العصاة.
التفسير والبيان :
امتن الله تعالى على رسوله صلىاللهعليهوسلم بما أنزله عليه من القرآن العظيم مفرّقا منجّما ، فقال :
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً) أي إنا نحن الإله الحق أنزلنا عليك أيها الرسول القرآن مفرّقا منجّما في الإنزال في مدى ثلاث وعشرين سنة ، ولم ننزله جملة واحدة ، ليسهل حفظه ووعيه والعمل به ، وليتثبت المؤمنون في معالجة الحوادث ، ولم تأت به من عندك كما يدّعيه المشركون.
والمراد من ذلك تثبيت قلب الرسول صلىاللهعليهوسلم في مواجهة افتراءات المشركين الذين نسبوا إليه الكهانة والسحر ، وإعلام الناس قاطبة أن ما جاء به وحي من الله تعالى ، لا من عند محمد صلىاللهعليهوسلم.
وبعد بيان هذه المقدمة ، جاء الأمر بالصبر والنهي عن طاعة الكفار ، فقال سبحانه : (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ، وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) أي كما أكرمتك بما أنزلت عليك من القرآن ، فاصبر على قضاء الله وقدره في تأخير