ويطوف عليهم بالآنية للخدمة ولدان يبقون على ما هم عليه من الشباب والغضاضة والحسن ، لا يهرمون ولا يتغيرون ، ويكونون على سن واحدة على مرّ الأزمنة ، فإذ شاهدتهم ظننتهم من حسنهم وكثرتهم وصفاء ألوانهم لؤلؤا مفرقا في ساحات المجلس ، واللؤلؤ إذا نثر على بساط كان أحسن منه منظوما. والمراد دوام كونهم على تلك الصورة التي لا يراد في الخدم أبلغ منها ، وذلك يتضمن دوام حياتهم وحسنهم ومواظبتهم على الخدمة الحسنة.
وهناك في الجنة إذا رأيت ببصرك ، رأيت نعيما لا يوصف ، وملكا عظيما لا يقدر قدره.
وثيابهم الحرير الأخضر الرقيق والديباج الغليظ ، ويحلون في الجنة بحلي وأساور من ذهب أو فضة ، حسبما يروق لهم ، وإن كانوا رجالا.
ويشربون من شراب آخر غير ما ذكر موصوف بغاية الطهر والنقاء ، إما لإذهاب آثار الطعام وجعله يتفصد من الجسد عرقا ، أو للترفع عن اللذات الحسية والتخلص من مفاسد الأخلاق الرديئة ، كالحسد والحقد والبغض وغير ذلك.
٢ ـ يقال لهؤلاء الأبرار في الجنة بعد دخولهم فيها ومشاهدتهم نعيمها ، تكريما لهم وإحسانا إليهم : إنما هذا المذكور من النعم ثواب عملكم ، وكان عملكم مشكورا من قبل الله ، وشكره للعبد : قبول طاعته ، وثناؤه عليه ، وإثابته إياه.