١١ ـ (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ ، وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً) أي وأننا علمنا أن قدرة الله حاكمة علينا ، وأنا لا نفلت من قدرة الله ولا نفوته إن طلبنا وأراد بنا أمرا ، سواء كنا كائنين في الأرض أو هاربين منه إلى السماء ، فإنه علينا قادر لا يعجزه أحد منا.
١٢ ـ (وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ ، فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ ، فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً) أي وأننا لما سمعنا القرآن ، صدقنا أنه من عند الله ، ولم نكذب به ، كما كذبت به كفرة الإنس ، فمن يصدق بربه وبما أنزله على رسله ، فلا يخاف نقصانا من حسناته ، ولا عدوانا وظلما وطغيانا بالزيادة في سيئاته.
١٣ ـ (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ ، فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً) أي وأن بعضنا مؤمنون مطيعون لربّهم يعملون الصالحات ، وبعضنا جائرون ظالمون حادوا عن طريق الحق والخير ومنهج الإيمان الواجب ، فمن آمن بالله وأسلم وجهه لله بطاعة شريعته ، فأولئك قصدوا وتوخوا الطريق الموصل للسعادة ، وطلبوا لأنفسهم النجاة من العذاب ، وهذا ثواب المؤمنين.
ويلاحظ أن القاسط : الجائر عن الحق الناكب عنه ؛ لأنه عادل عن الحق ، بخلاف المقسط وهو العادل ؛ لأنه عادل إلى الحق ، والقاسطون : الكافرون الجائرون عن طريق الحق ، من قسط أي جار ، والمقسط : القائم بالعدل ، من أقسط ، أي عدل.
ثم ذم الجن الكافرين بقولهم :
(وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) أي وأما الجائرون الحائدون عن منهج الإسلام فكانوا وقودا للنار توقد أو تسعر بهم ، كما توقد بكفرة الإنس.
وبعد بيان النوع الأول من الموحى به إلى رسوله ، ذكر تعالى النوع الثاني الموحى به إليه ، فقال :