الدنيا أنهم لا يبعثون منها ، وظنوا لما شاهدوا من الأهوال وما استبد بهم من الفزع ، أنهم كانوا نياما.
وهذا لا ينفي عذابهم في قبورهم ، لأنه بالنسبة إلى ما بعده في الشدة كالرقاد.
(هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) أي هذا ما وعد به الله وصدق في الإخبار عنه الأنبياء المرسلون ، فهم رجعوا إلى أنفسهم ، فاعترفوا أنهم بعثوا من الموت ، وأقروا بصدق الرسل ، يوم لا ينفع التصديق. فهذا الكلام من قول الكفار ، وهو رأي عبد الرحمن بن زيد ، واختاره الشوكاني وغيره.
واختار ابن جرير وابن كثير أن هذا جواب الملائكة أو جواب المؤمنين ، كقوله تبارك وتعالى : (وَقالُوا : يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ. هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) [الصافات ٣٧ / ٢٠ ـ ٢١].
ثم أوضح الله تعالى سرعة البعث ، فقال :
(إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً ، فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) أي ما كانت النفخة إلا صيحة واحدة ، فإذا هم أحياء مجموعون لدينا بسرعة للحساب والجزاء ، كما قال تعالى : (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ ، فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) [النازعات ٧٩ / ١٣ ـ ١٤] وقال عزوجل : (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ ، أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) [النحل ١٦ / ٧٧].
وأردف بعدئذ ما يكون في ذلك من القضاء العادل ، فقال تعالى :
(فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً ، وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي في يوم القيامة لا تبخس نفس شيئا من عملها مهما قلّ ، ولا توفون إلا ما عملتم من خير أو شر.