فقال المالكية والحنفية : ليست موضع سجود ، لما في البخاري وغيره عن ابن عباس أنه قال : «صلي الله عليه وآله وسلم ، ليست من عزائم القرآن ، وقد رأيت النبي صلي الله عليه وآله وسلم يسجد فيها». وأنكر المالكية أيضا سجدة الشكر.
وقال الشافعية والحنابلة : إنها ليست من عزائم السجود ، بل هي سجدة شكر ، استدلالا بفعل النبي صلي الله عليه وآله وسلم ، كما نص الحديث المتقدم ، وروى النسائي أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال : «سجدها داود توبة ، ونحن نسجدها شكرا».
١٢ ـ ليس في استغفار داود ما يشعر بارتكاب ذنب أو أمر يستغفر منه ، وما زال الاستغفار شعار الأنبياء المشهود لهم بالعصمة.
١٣ ـ الأصل في مشروعية الأقضية أو التقاضي قوله تعالى : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ ، فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِ) وقوله : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) [المائدة ٥ / ٤٩] وقوله تعالى : (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) [النساء ٤ / ١٠٥] وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ) [النساء ٤ / ١٣٥].
١٤ ـ إن قاعدة الحكم الأساسية الحكم بالعدل والحق : (فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِ) ومن قواعده : أن القاضي لا يحكم في الوقائع إلا بالدعوى ورفع الأمر إليه ، فيجب الحكم بالحق ، وألا يميل القاضي إلى أحد الخصمين لقرابة أو رجاء نفع ، أو سبب يقتضي الميل من صحبة أو صداقة أو غيرهما.
١٥ ـ هذه الآية : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ ..) تمنع الحاكم من القضاء بعلمه الشخصي في الحوادث ، لأن الحكام لو مكّنوا أن يحكموا بعلمهم ، لم يشأ أحدهم إذا أراد أن يحفظ وليّه (صديقه) ويهلك عدوه إلا ادعى علمه فيما حكم به. وبذلك يمنع من هذا القضاء للتهمة ، قال أبو بكر رضياللهعنه : لو رأيت رجلا على حدّ من حدود الله ، ما أخذته حتى يشهد على ذلك غيري.