والمعاش ، كما قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ ، لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) [لقمان ٣١ / ٣١].
وقيل : الذرية : آباؤهم الذين حملوا في سفينة نوح عليهالسلام ، وهي السفينة المملوءة بالأمتعة والحيوانات التي أمره الله تعالى أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين ، حفاظا على أصول المخلوقات. والمعنى : أن الله حمل آباء هؤلاء وأجدادهم في سفينة نوح.
(وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ) أي وخلقنا للناس مثل تلك السفن سفنا برية وهي الإبل ، فإنها سفن البر يحملون عليها ويركبون عليها ، لكن قال الرازي : الضمير في (مِثْلِهِ) عائد إلى الفلك ، على قول الأكثرين ، فيكون هذا كقوله تعالى : (وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ) [صلي الله عليه وآله وسلم ٣٨ / ٥٨] وعلى هذا فالأظهر أن يكون المراد الفلك الآخر الموجود في زمانهم ، وليس المراد الإبل.
ويؤيد هذا قوله تعالى هنا : (وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ). ولو كان المراد الإبل ، لكان قوله : (وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ) فاصلا بين متصلين. ويحتمل أن يعود الضمير إلى معلوم غير مذكور تقديره : من مثل ما ذكرنا من المخلوقات ، مثل قوله تعالى هنا : (لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ)(١) وعلى هذا ، الآية تشمل كل وسائل النقل الحديثة من سيارات وقطارات وطائرات. ونظير الآية قوله تعالى : (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً ، وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ) [النحل ١٦ / ٨].
ودليل رحمته ولطفه تعالى حفظ الركاب في تلك الوسائط ، فقال : (وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ ، فَلا صَرِيخَ لَهُمْ ، وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ) أي وإن نرد إغراقهم في الماء مع حمولاتهم ، فلا مغيث لهم يغيثهم مما هم فيه ، أو ينجيهم من الغرق ، ولا هم ينقذون مما أصابهم.
__________________
(١) تفسير الرازي : ٢٦ / ٨١ ، تفسير الألوسي : ٢٣ / ٢٧