كتب اللهجات
كانت العرب في جزيرتها تتكلم لهجات شتى تدخل تحت اسم العربية التي تعتبر أما واحدة لجميع تلك اللهجات التي تحدث عنها ابن فارس في «الصاحبي» فقال :
«اختلاف لغات العرب من وجوه :
أحدها ـ الاختلاف في الحركات كقولنا : نستعين ونستعين بفتح النون وكسرها ، قال الفراء : هي مفتوحة في لغة قريش ، وغيرهم يقولونها بكسر النون.
والوجه الآخر ـ الاختلاف في الحركة والسكون مثل قولهم : معكم ومعكم ، أنشد الفراء :
ومن يتق فإن الله معه |
|
ورزق الله مؤتاب وغاد |
ووجه آخر ـ وهو الاختلاف في إبدال الحروف نحو أولئك وأولالك ، أنشد الفراء :
أولا لك قومي لم يكونوا أشابة |
|
وهل يعظ الضليل إلا أولالكا |
ومنها ـ قولهم : أن زيدا وعنّ زيدا.
ومن ذلك ـ الاختلاف في الهمز والتليين نحو مستهزؤون ومستهزون.
ومنه ـ الاختلاف في التقديم والتأخير نحو صاعقة وصاقعة.
ومنها ـ الاختلاف في الحذف والإثبات نحو استحييت واستحيت ، وصددت وأصددت.
ومنها ـ الاختلاف في الحرف الصحيح يبدل حرفا معتلا نحو اما زيد وايما زيد.
ومنها ـ الاختلاف في الإمالة والتفخيم في مثل قضى ورضى ، فبعضهم يفخم ، وبعضهم يميل.
ومنها ـ الاختلاف في الحرف الساكن يستقبله مثله ، فمنهم من يكسر الأول ، ومنهم من يضم ، فيقولون : اشتروا الضلالة ، واشتروا الضلالة.
ومنها ـ الاختلاف في التذكير والتأنيث ، فإن من العرب من يقول : هذه البقر ، ومنهم من يقول هذا البقر ، وهذه النخيل ، وهذا النخيل.
ومنها ـ الاختلاف في الإدغام نحو : مهتدون ومهدون.
ومنها ـ الاختلاف في الإعراب نحو : ما زيد قائما ، وما زيد قائم ، وان هذين ، وان هذان ، وهي بالألف لغة بني الحارث بن كعب ، يقولون في كل ياء ساكنة انفتح ما قبلها ذلك.
ومنها ـ الاختلاف في صورة الجمع نحو أسرى وأسارى ...».
إلى أن قال : «وكل هذه اللغات مسماة منسوبة إلى أصحابها ، وهي وإن كانت لقوم دون قوم فإنها لما انتشرت تعاورها كل».
وقد كانت تلك اللهجات من عهد باكر موضع اهتمام اللغويين ، فأخذوا يستقرونها ويميزون الواحدة منها عن الأخرى ، ويتبينون فصيحها من غيره ، حتى اذا كان بأيديهم من ذلك ما يصلح مادة للتدوين شرعوا يصنفونه في معاجم سموها «اللغات» وهي ما نحاول فهرسته في المسارد الآتية :
[٢١١]
اللغات
لأبي عبد الرحمان يونس بن حبيب الضبي البصري المتوفى سنة ١٨٢ ه.