حقّقه الدكتور حسين علي محفوظ وطبع تحقيقه بدمشق في ٥٢ صفحة سنة ١٩٥٨ م.
واحتذى الحريري حذو ابن فارس في مقامته المنعوتة بالطيبية والتي تقع الثانية والثلاثين في ترتيب المقامات فضمنها مائة مسألة ملغزة من نمط فتيا فقيه العرب وممّا جاء فيها من ذلك قوله :
ما تقول فيمن توضأ ثم لمس ظهر نعله؟ قال انتقض وضوءه بفعله ، (النعل الزوجة).
قال : فإن توضأ ثم أتكاه البرد؟ قال : يجدّد الوضوء من بعد ، (البرد النوم).
قال : أيجوز الوضوء ممّا يقذفه الثعبان؟ قال : وهل أنظف منه للعربان (الثعبان جمع ثعب وهو مسيل الوادي).
قال : أيجب الغسل على من أمنى؟ قال : لا ولو ثنى ، (أمنى نزل منى).
قال : أيجوز أن يسجد الرجل في العذرة؟ قال : نعم وليجانب القذرة. (العذرة فناء الدار).
قال : ما تقول فيمن صلّى وعانته بارزة؟ قال : صلاته جائزة ، (العانة الجماعة من حمر الوحش).
قال : فإن صلّى وعليه صوم؟ قال : يعيد ولو صلّى مائة يوم ، (الصوم ذرق النعام).
قال : فإن حمل جروا وصلّى؟ قال : هو كما لو حمل باقلى ، (الجرو الصغار من القثاء والرمان).
قال : أيجوز للمعذور أن يفطر في شهر رمضان؟ قال : ما رخص فيه إلّا للصبيان ، (المعذور المختون).
قال : فهل للمعرس أن يأكل فيه؟ قال : نعم بملء فيه ، (المعرس المسافر الذي ينزل في آخر ليلة ليستريح ثم يرتحل).
قال : فإن عمد لأن أكل ليلا؟ قال : ليشمّر للقضاء ذيلا ، (الليل فرخ الحباري أو هو ولد الكروان).
قال : فإن ضحكت المرأة في صومها؟ قال : بطل صوم يومها ، (ضحكت ههنا حاضت).
قال : ما يجب في مائة مصباح؟ قال : حقتان يا صاح ، (المصباح الناقة التي تصبح في المبرك).
قال : فإن ملك عشر خناجر؟ قال : يخرج شاتين ولا يشاجر ، (الخناجر النوق الغزار الدر).
قال : فإن سمح للساعي بحميمته؟ قال : يا بشرى له يوم قيامته ، (الساعي جابي الصدقة ، والحميمة خيار المال).
قال : أيجوز للحاج أن يعتمر؟ قال : لا ولا أن يختمر ، (الاعتمار لبس العمارة وهي العمامة ، والاختمار لبس الخمار).
ثم تمادى في هذا النمط من الإلغاز الفقهي محاذيا أبواب الفقه وأصناف مسائله إلى أن أتم مائة مسألة من فتيا فقيه العرب.
وليس ثمة فتيا ولا هناك فقيه ، ولكنهم سمّوا هذا النوع من الألغاز بفتيا فقيه العرب تظرفا وتملّحا ، يقول الجلال السيوطي في مزهره (ج ١ ، ص ٦٣٧) رواية عن الدرّة الأدبية لابن نبهان ما نصّه.
«وليس مراد ابن خالويه والحريري بفقيه العرب شخصا معيّنا ، إنما يذكرون ألغازا وملحا ينسبونها إليه ، وهو مجهول لا يعرف ، ونكرة لا تتعرّف».
[١٣٨٦]
أرجوزة في شرح ملاحن ابن دريد
لأبي بكر محمّد بن محمّد بن إدريس القضاعي المتوفى سنة ٧٠٧ ه.
ذكرها ابن الخطيب في الإحاطة (ج ٣ ، ص ٧٦) وهو يترجم هذا القضاعي المذكور.
[١٣٨٧]
المعجم في بقية الأشياء
لأبي هلال الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري المتوفى خلال العقد الأخير من القرن الرابع الهجري على التقريب.
«معلوم أنّ من يطلب الترسل ، وقرض الشعر ، وعمل الخطب ، كان محتاجا لا محالة إلى التوسع في اللغة خاصة لتكثر عنده الألفاظ فيتصرف فيها بحسب مراده ، ولا يضيق مجاله في مرتاده ، وليعرف العلوي من الكلام فيستعمله ، والعامي فيتقيه ويجتنبه.