بها ، فبلغ ذلك
ابنة عمه ، فوجدت من ذلك أشد وجد وحزنت وقالت : والله لأغيظنه ولا أتقي الغاية ،
وقالت : إن غظته في المال فهو لا يبالي به ولا يكترث له ، ولكني أراه مشغوفا بهذا
الكتاب ، وقد هجر كل لهو ولذة ، وأقبل على النظر فيه ، والله لأفجعنه به ، ثم عمدت
إلى الكتاب بأسره فأحرقته ، فلما كان بالعشي وراح الليث من دار البرامكة ودخل
المنزل لم يكن له هم إلا الكتاب ، فصاح بالغلام أن يحمله إليه فلم يوجد الكتاب ،
وكاد يطير طيشا ، وظن أنه سرق ، فجمع غلمانه وتهددهم ، فقال بعضهم : يا سيدنا
أخذته الحرة ، فبادر إليها ليترضاها ويسترجع الكتاب وقال لها : ردي الكتاب
والجارية لك ، وقد حرمتها على نفسي ، فأخذت بيده وأدخلته البيت الذي أحرقته فيه ،
فلما نظر إلى رماده وصح عنده أنه احترق سقط في يده ، وظن أنه أصيب بمال عظيم أو
بولد أو أعظم منه ، وكان قد حفظ نصف الكتاب وبقي عليه نصفه وقد مات الخليل ، فطلبه
في الدنيا كلها فأعجزه ذلك ، ولم تكن النسخة وقعت إلى أحد ، فاستدرك النصف من حفظه
، وجمع على النصف الباقي علماء أهل زمانه فقالوا : ما تروم؟ قال : مثلوا عليه
فمثلوا فلم يلحقوه ولا شقوا غباره ، فأنت ترى ما في أيدي الناس من ذلك ، فإذا
تأملته تراه نصفين : النصف الأول أتقن وأحكم ، والنصف الآخر مقصر عن ذلك».
وتهمم ابن درستويه
عبد الله بن جعفر المتوفى سنة ٣٤٧ ه بشأن هذا الخلاف القائم حول العين في أنه
للخليل أو غيره فألّف في ذلك كتابا ذكره القفطي في إنباهه (ج ١ ، ص ٣٤٣) وهو يترجم
الخليل فقال ما نصّه : «وأما كتاب العين فقد اختلف الأئمة فيه ، فمنهم من ينسبه
إليه ، ومنهم من يحيل نسبته إلى الخليل ، وقد استوفى ابن درستويه الكلام في ذلك في
كتاب له مفرد لهذا النوع ، ملكته بخط تيزون الطبري وهو تصنيف مفيد».
وأيا كان الأمر في
نسبة العين إلى الخليل فقد وقع الاتفاق على أن به من الخلل والغلط والتخليط ما
يتنزه الخليل عن مثله.
وسمي الكتاب العين
اعتبارا بأول أبوابه جريا على مألوف العرب في تسمية الكل باسم بعضه.
وتتصدر العين
مقدمة تتضمن التصريح بنسبته إلى الخليل ، وتعين غرضه من تأليفه ، وتشرح منهجه في
عمله ، وتصف الترتيب الذي سار عليه فيه.
وفي ضمنها أيضا
كلامه في مخارج الحروف وصفاتها ، وتعداد التقاليب التي أدار عليها الكلم في
الأبنية ثنائية وثلاثية ورباعية وخماسية ، مخلّلا ذلك بما اعتمده من آراء في اللغة
والنحو والتصريف.
*
مخطوطات العين
من مخطوطات العين
مخطوطة بالكاظمية بمكتبة آية الله السيد حسن الصدر تمت كتابتها سنة ١٠٥٤ ه.
وأخرى بمكتبة مجلس
الأمة الايراني بطهران فرغ منها كاتبها سنة ١٠٨٧ ه.
وثالثة بمكتبة
المتحف العراقي ثم انتساخها سنة ١٣٥٥ ه.
*
العين في المطبعة
طبعت قطعة من أوله
في ١٤٤ صفحة بعناية الأب أنستاس ماري الكرملي سنة ١٩١٤ م.
ثم طبع جزؤه الأول
محققا بعناية الدكتور عبد الله درويش ببغداد سنة ١٩٦٧ م.
ثم قام الدكتوران
مهدي المخزومي وإبراهيم السامرائي بتحقيق جزئه الأول مرة ثانية ، وطبع تحقيقهما
ضمن سلسلة المعاجم والفهارس بمطابع الرسالة بالكويت سنة ١٩٨٠ م.
[٨٥٥]
كتاب
الجيم
لأبي الحسن النضر بن شميل بن حرشة التميمي
البصري المتوفى سنة ٢٠٤ ه.