(وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ ، وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ) أي وتخفي أيها الرسول في نفسك ما الله مظهره من الحكم ، وهو علمك بأن زيدا سيطلقها وستنكحها ؛ لأن الله قد أعلمه بذلك ، وتخاف من تعيير الناس ونقدهم واعتراضهم النابع من منطق الجاهلية ، والله بعد أن أنزل عليك وحيه وشرعه المصحح لأعراف الجاهلية وتقاليدها أو المبطل لها ، أجدر وحده أن تخاف منه ، وتلزم أمره ، وتمضي حكمه دون مبالاة بشرائع غيره. فقوله : (وَاتَّقِ اللهَ) أي في طلاقها ، فلا تطلّقها ، وأراد بذلك نهي تنزيه ، لا نهي تحريم ؛ لأن الأولى ألا يطلق.
عن عائشة رضياللهعنها : لو كتم رسول الله صلىاللهعليهوسلم شيئا مما أوحي إليه ، لكتم هذه الآية.
والمراد من هذا التوجيه للنبي صلىاللهعليهوسلم : أن يصمت حين قال له زيد : أريد مفارقتها ، أو يقول له : أنت أعلم بشأنك ، حتى لا يتناقض سرّه مع علانيته ، وليتساوى ظاهر الأنبياء وباطنهم ، ولتبدو ظاهرة التصلب في الأمور الجادة التي نزل فيها وحي إلهي.
ثم أعلن الله تعالى حكم زواج زينب المطلقة بعد انتهاء عدتها من نبي الله صلىاللهعليهوسلم فقال :
(فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً ، زَوَّجْناكَها ، لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً ، وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) أي لما طلقها زيد ، وانتهت حاجته منها ، وملّها ، وانقضت عدتها ، جعلناها لك زوجة ، ليرتفع الحرج والضيق من بين المؤمنين إذا أرادوا الزواج بمطلّقات أدعيائهم وهم الذين تبنوهم في الجاهلية ، ثم أبطل الإسلام حكم التبني وألغى جميع آثاره ، وصفّى كل نتائجه ، وكان قضاء الله وقدره نافذا وكائنا لا محالة ، وحكمه سائدا وشرعه دائما في كل زمان ، ومن أحكام الله في سابق علمه أن زينب ستصير زوجة