(جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها ، يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً ، وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ) أي يدخل هؤلاء المصطفون جميعا جنات الإقامة الدائمة يوم المعاد ، التي يحلّون فيها أساور من ذهب مرصع باللؤلؤ ، ويكون لباسهم حريرا خالصا ، وقد أباحه الله تعالى لهم في الآخرة ، بعد أن كان محظورا عليهم في الدنيا. ثبت في الصحيح أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من لبس الحرير في الدنيا ، لم يلبسه في الآخرة» وقال : «هي لهم في الدنيا ، ولكم في الآخرة».
وعلى هذا تكون الآية عامة في جميع الأقسام الثلاثة في هذه الأمة ، والعلماء أغبط الناس بهذه النعمة ، وأولى الناس بهذه الرحمة.
أخرج أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن قيس بن كثير قال : قدم رجل من أهل المدينة إلى أبي الدرداء رضياللهعنه ، وهو بدمشق ، فقال : ما أقدمك أي أخي؟ قال : حديث بلغني أنك تحدّث به عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : أما قدمت لتجارة؟ قال : لا ، قال : أما قدمت لحاجة؟ قال : لا ، قال : أما قدمت إلا في طلب هذا الحديث؟ قال : نعم ، قال رضياللهعنه : فإني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول :
«من سلك طريقا يطلب فيها علما ، سلك الله تعالى به طريقا إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم ، وإنه ليستغفر للعالم من في السموات والأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب. إن العلماء هم ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يورّثوا دينارا ولا درهما ، وإنما ورّثوا العلم ، فمن أخذ به ، أخذ بحظّ وافر».
(وَقالُوا : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ، إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) أي وقالوا حين استقروا في مأواهم جنات عدن : الحمد والشكر والثناء على الله الذي أزال عنا الخوف من المحذور ، وأراحنا من هموم الدنيا والآخرة ، إن ربنا صاحب الفضل والرحمة والسعة ، فهو غفور لذنوب عباده ، شكور لطاعتهم.