العمل الصالح ، وصلاح العمل : الإخلاص فيه ، فلا يتقبل الله صلاة وصياما وزكاة ونحو ذلك من أعمال البر ، إذا لم تكن لله ، وفعلت مراءاة للناس.
قال ابن عباس : الكلم الطيب : ذكر الله تعالى ، يصعد به إلى الله عزوجل ، والعمل الصالح : أداء الفريضة.
ثم أخبر الله تعالى أنه لا يقبل من المرائين أعمالهم ، فقال :
(وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ) أي والذين يعملون المكرات السيئات في الدنيا ، كالتآمر على قتل النبي صلىاللهعليهوسلم ، أو لإضعاف المسلمين ، ويوهمون غيرهم أنهم في طاعة الله تعالى ، وهم بغضاء إلى الله عزوجل ، يراءون بأعمالهم ، لهم عقاب بالغ الغاية في الشدة.
ومكر هؤلاء الكاذبين المفسدين يفسد ويبطل ولا ينفذ ؛ لأن الأمور مقدرة ، لا تتغير بالمكر والحيلة ، ولأن المرائي ينكشف أمره بسرعة ، ولا يروج أمره ويستمر إلا على غني ، أما المؤمنون المتفرسون فلا يروج ذلك عليهم ، بل ينكشف لهم عن قريب ، وعالم الغيب لا تخفى عليه خافية ، يجازي على الرياء أشد العذاب.
ثم ذكر الله تعالى دليلا آخر على إمكان البعث بخلق الأنفس فقال :
(وَاللهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ، ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ، ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً) أي والله سبحانه ابتدأ خلق الإنسان من تراب ، فخلق أبانا آدم من تراب ، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ، فجعل الخلق المتوالي الدائم من النطفة (المني) والنطفة من الغذاء ، والغذاء من الماء والتراب ، فقد صير التراب نطفة ، ثم جعل الناس أصنافا ، ذكرانا وإناثا ، فهذا التحول من تراب إلى خلية حية ، إلى إنسان سوي دليل قاطع على إمكان البعث الذي هو إعادة الحياة مرة أخرى ، والإعادة في مفهوم الناس أهون من الإعادة ، أما عند الله فهما سواء.