به تقريع المشركين يوم القيامة أمام الخلائق ، على طريقة : إياك أعني واسمعي يا جارة.
وهذا شبيه بقوله تعالى : (أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ) [الفرقان ٢٥ / ١٧] وشبيه بسؤال عيسى عليهالسلام : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ : اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ؟ قالَ : سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍ) [المائدة ٥ / ١١٦]. والله يعلم أن الملائكة وعيسى أبرياء من هذه التهمة ، وإنما السؤال والجواب للتقريع والتوبيخ والتعيير.
(قالُوا : سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ ، بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ) أي قالت الملائكة : تنزيها لك يا رب عن الشريك ، نحن عبيدك ، ونبرأ إليك من هؤلاء ، وأنت الذي نتولاه ونطيعه ونعبده من دونهم ، ما اتخذناهم عابدين ، ولا موالاة بيننا وبينهم ، بل إنهم كانوا يعبدون الشياطين وهم إبليس وجنوده ، فهم الذين زينوا لهم عبادة الأوثان وأضلوهم ، وأكثر المشركين مصدقون الجن فيما يلقونه إليهم من الوساوس والأكاذيب ، ومنها أمرهم بعبادة الأصنام ، كما قالت تبارك وتعالى : (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً ، وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً ، لَعَنَهُ اللهُ) [النساء ٤ / ١١٧ ـ ١١٨].
ثم أعلن الله تعالى إفلاسهم وتبدد آمالهم بشفاعة الآلهة المزعومة ، زيادة في إيلامهم وحسرتهم ، فقال :
(فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا) أي في يوم القيامة هذا لن يتحقق لكم نفع ممن كنتم ترجون نفعه من الأوثان والأنداد التي ادخرتم عبادتها لشدائدكم وكربكم ، ولن تكون لكم شفاعة وقدرة على النجاة ، كما لن يكون بيدكم العذاب والهلاك ، وإنما المجازي هو الله وحده.
(وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا : ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) أي