الدنيا والانهماك في الشهوات ، والاستهانة بمن لم يحظ منها ، وهذه ظاهرة عامة في الأمم ؛ لأن إيذاء الكفار الأنبياء ليس بدعا.
ثم فنّد الله تعالى مزاعمهم مبينا بأن الغنى والفقر لا يرتبطان بالإيمان والكفر ، فقد يرزق الكافر الفاجر ويحرم المؤمن وبالعكس ، لحكمة ومصلحة يعلمها الله تعالى ، وإنما الجزاء العادل في الآخرة حيث يمتّع المتقون بغرف الجنان ، ويزج الكافرون الصادون عن سبيل الله في نار جهنم.
التفسير والبيان :
يسلّي الله نبيه صلىاللهعليهوسلم عن إعراض قومه عن دعوته ، ويأمر بالتأسي بالرسل المتقدمين ، ويخبره بأنه ما بعث نبيا في قرية إلا كذبه مترفوها ، واتبعه ضعفاؤهم ، فقال :
(وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها : إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) أي لم نبعث إلى أهل كل قرية نبيا أو رسولا يحذرهم ويخوفهم عقاب الله إلا قال أغنياؤها وكبراؤها وأولو النعمة وقادة الشر فيها : إنا مكذبون بما أرسلتم به من توحيد الإله والإيمان به ، ونبذ تعدد الآلهة ، فلا نؤمن بكم ولا نتبعكم.
ونظير الآية كثير مثل : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها) [الأنعام ٦ / ١٢٣] ومثل : (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها ، فَفَسَقُوا فِيها ، فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ ، فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً) [الإسراء ١٧ / ١٦].
ومسوغات كفرهم : الاغترار بالأموال والأولاد ، كما قال تعالى :
(وَقالُوا : نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً ، وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) أي وقال المترفون الكافرون للرسل وأتباعهم المؤمنين : إن الله فضلنا عليكم بالأموال والأولاد في