فأجابهم القادة :
(قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا : أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ ، بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ) أي قال السادة القادة المتكبرون في الدنيا للأتباع الضعفاء ، مستنكرين لما قالوا : أنحن منعناكم عن الإيمان واتباع طريق الهدى بعد أن جاءكم من عند الله؟ لا ، بل أنتم منعتم أنفسكم بإصراركم على الكفر ، وولوغكم في الاجرام والإثم.
فرد عليهم الأتباع بقولهم :
(وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا : بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ، إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ ، وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً) أي رد الأتباع على القادة رؤساء الضلال : بل الذي صدنا عن الإيمان مكركم بنا بالليل والنهار حين كنتم تطلبون منا أن نبقى على الكفر بالله ، ونجعل له أشباها وأمثالا في الألوهية والعبادة.
ثم ذكر مصير الفريقين فقال :
(وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ ، وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي وأضمر الجميع من السادة والأتباع كل ندم على ما سلف منه عن الكفر ، وأخفاه عن غيره ، مخافة الشماتة ، وتبينت الندامة في وجوههم حين واجهوا العذاب المحدق بهم ، وحين جعلنا الأغلال وهي السلاسل التي تجمع أيديهم مع أعناقهم في النار.
ثم أخبر تعالى عن عدالة هذا الجزاء ، فقال :
(هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ)؟ أي إنما نجازي هؤلاء وأمثالهم بأعمالهم ، كل بحسبه ، وبسبب ما اقترفه من الشرك بالله والإثم ، للقادة عذاب بحسبهم ، وللأتباع بحسبهم : (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [فصلت ٤١ / ٤٦].