قالت : دخل عليّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأنا مستترة بقرام (١) فيه صورة ، فتلوّن وجهه ، ثم تناول السّتر فهتكه ، ثم قال : «إنّ من أشدّ الناس عذابا يوم القيامة الذين يشبّهون بخلق الله عزوجل».
هذا ما يراه ابن العربي والقرطبي (٢) في أن المنع من التصوير عام ، ثم استثنيت منه أشياء ، مثل لعب البنات ، بالحديث الذي رواه مسلم عن عائشة رضياللهعنها. واستبعد جماعة من العلماء هذا الاتجاه ؛ لأن النسخ يشترط فيه العلم بالتاريخ ، والأولى في الجمع بين الأحاديث : أن يقال : تحمل النصوص التي فيها الحظر بإطلاق على ما كان منها مجسدا لذي روح ، بدليل حديث «أشدّ الناس عذابا يوم القيامة الذين يشبهون خلق الله» ومن طريق آخر : «يقال لهم : أحيوا ما خلقتم» فيكون المنع متجها إلى صور الأجسام ذات الروح إذا كانت على حالة بحيث يمكن أن يقال : إن صاحبها يضاهي بها خلق الله ، وذلك إذا كانت كاملة الخلق ، بحيث لا ينقصها إلا نفخ الروح.
وأما حديث الأمر بتحويل السّتر الذي فيه تمثال طائر ، فلاستقبال المارة له ، مما يشعر بتعظيمه ، فإذا وضع للاستعمال فلا بأس.
أما تصوير الجمادات ، كالجبال والأنهار ، والأشجار ونحوها ، فليست مما يتناولها النص بإشارة : «يشبّهون خلق الله» وبإشارة «يقال لهم : أحيوا ما خلقتم».
وكذلك كل ما وضع في حالة لا تشعر بالتعظيم كالاستعمال في الأرض لا يكون ممنوعا.
__________________
(١) القرام : السّتر الرقيق.
(٢) أحكام القرآن لابن العربي : ٤ / ١٥٨٩ ـ ١٥٩٠ ، تفسير القرطبي : ١٤ / ٢٧٢ ـ ٢٧٤