٦ ـ ٧ : (وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا) أي لم يكن متكبرا على الناس ، بل كان متواضعا لهم ، ولم يكن مخالفا عاصيا ما أمره به ربه ، روى عبد الرزاق عن سعيد بن المسيب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما من أحد يلقى الله يوم القيامة إلا ذا ذنب إلا يحيى بن زكريا».
وبعد ذكر هذه الأوصاف الجميلة ليحيي ذكر الله تعالى جزاءه على ذلك ، فقال : (وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) أي له الأمان من الله في هذه الثلاثة أحوال : أمان عليه من الله يوم الولادة ، فقد أمن أن يناله الشيطان في ذلك اليوم كما ينال سائر بني آدم ، ويوم الموت ، فيأمن عذاب القبر ، ويوم البعث يأمن هول يوم القيامة وعذابه.
قال سفيان بن عيينة : أوحش ما يكون المرء في ثلاثة مواطن : يوم ولد ، فيرى نفسه خارجا مما كان فيه ، ويوم يموت ، فيرى قوما لم يكن عاينهم ، ويوم يبعث ، فيرى نفسه في محشر عظيم ، فأكرم الله يحيى بن زكريا ، فخصه بالسلام عليه ، فقال : (وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا).
فقه الحياة أو الأحكام :
ذكر الله تعالى في هذه الآيات تسع صفات ليحيي بن زكريا عليهماالسلام وهي :
١ ـ الجد والصبر على القيام بأمر النبوة ، فليس المراد من قوله (خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ) القدرة على الأخذ ؛ لأن ذلك معلوم لكل أحد ، فيجب حمله على معنى يفيد المدح وهو الجد والصبر على النبوة.
٢ ـ إيتاؤه النبوة وهو صبي ؛ لأن الله تعالى بعث يحيى وعيسى عليهماالسلام وهما صبيان ، لا كما بعث موسى ومحمدا عليهماالسلام ، وقد بلغا الأشد وهو أربعون سنة.